الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1480 وحدثني إسحق بن منصور حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي بكر بن أبي الجهم قال سمعت فاطمة بنت قيس تقول أرسل إلي زوجي أبو عمرو بن حفص بن المغيرة عياش بن أبي ربيعة بطلاقي وأرسل معه بخمسة آصع تمر وخمسة آصع شعير فقلت أما لي نفقة إلا هذا ولا أعتد في منزلكم قال لا قالت فشددت علي ثيابي وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كم طلقك قلت ثلاثا قال صدق ليس لك نفقة اعتدي في بيت ابن عمك ابن أم مكتوم فإنه ضرير البصر تلقي ثوبك عنده فإذا انقضت عدتك فآذنيني قالت فخطبني خطاب منهم معاوية وأبو الجهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن معاوية ترب خفيف الحال وأبو الجهم منه شدة على النساء أو يضرب النساء أو نحو هذا ولكن عليك بأسامة بن زيد وحدثني إسحق بن منصور أخبرنا أبو عاصم حدثنا سفيان الثوري حدثني أبو بكر بن أبي الجهم قال دخلت أنا وأبو سلمة بن عبد الرحمن على فاطمة بنت قيس فسألناها فقالت كنت عند أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فخرج في غزوة نجران وساق الحديث بنحو حديث ابن مهدي وزاد قالت فتزوجته فشرفني الله بأبي زيد وكرمني الله بأبي زيد وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي حدثنا شعبة حدثني أبو بكر قال دخلت أنا وأبو سلمة على فاطمة بنت قيس زمن ابن الزبير فحدثتنا أن زوجها طلقها طلاقا باتا بنحو حديث سفيان

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : فإنه ضرير البصر تلقي ثوبك عنده هكذا هو في جميع النسخ ( تلقي ) وهي لغة صحيحة والمشهور في اللغة ( تلقين ) بالنون .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : وأبو الجهيم منه شدة على النساء هكذا هو في النسخ في هذا الموضع ( أبو الجهيم ) بضم الجيم مصغر والمشهور أنه بفتحها مكبر وهو المعروف في باقي الروايات وفي كتب الأنساب وغيرها .

                                                                                                                [ ص: 83 ] قولها : ( فشرفني الله بأبي زيد وكرمني بأبي زيد ) هكذا هو في بعض النسخ ( بأبي زيد ) في الموضعين على أنه كنية وفي بعضها ( بابن زيد ) بالنون في الموضعين وادعى القاضي أنها رواية الأكثرين وكلاهما صحيح هو أسامة بن زيد وكنيته أبو زيد ويقال : أبو محمد .

                                                                                                                واعلم أن في حديث فاطمة بنت قيس فوائد كثيرة :

                                                                                                                إحداها : جواز طلاق الغائب .

                                                                                                                والثانية : جواز التوكيل في الحقوق في القبض والدفع .

                                                                                                                الثالثة : لا نفقة للبائن وقالت طائفة : لا نفقة ولا سكنى .

                                                                                                                الرابعة : جواز سماع كلام الأجنبية والأجنبي في الاستفتاء ونحوه .

                                                                                                                الخامسة : جواز الخروج من منزل العدة للحاجة .

                                                                                                                السادسة : استحباب زيارة النساء الصالحات للرجال بحيث لا تقع خلوة محرمة لقوله صلى الله عليه وسلم في أم شريك : ( تلك امرأة يغشاها أصحابي ) .

                                                                                                                السابعة : جواز التعريض لخطبة المعتدة البائن بالثلاث .

                                                                                                                الثامنة : جواز الخطبة على خطبة غيره إذا لم يحصل للأول إجابة لأنها أخبرته أن معاوية وأبا الجهم وغيرهما خطبوها .

                                                                                                                التاسعة : جواز ذكر الغائب بما فيه من العيوب التي يكرهها إذا كان للنصيحة ولا يكون حينئذ غيبة محرمة .

                                                                                                                العاشرة : جواز استعمال المجاز لقوله صلى الله عليه وسلم : لا يضع العصا عن عاتقه و لا مال له .

                                                                                                                الحادية عشرة : استحباب إرشاد الإنسان إلى مصلحته وإن كرهها وتكرار ذلك عليه لقولها : قال : ( انكحي أسامة ، فكرهته ) ثم قال : ( انكحي أسامة فنكحته ) .

                                                                                                                الثانية عشرة : قبول نصيحة أهل الفضل والانقياد إلى إشارتهم وأن عاقبتها محمودة .

                                                                                                                الثالثة عشرة : جواز نكاح غير الكفء إذا رضيت به [ ص: 84 ] الزوجة والولي لأن فاطمة قرشية وأسامة مولى .

                                                                                                                الرابعة عشرة الحرص على مصاحبة أهل التقوى والفضل وإن دنت أنسابهم .

                                                                                                                الخامسة عشرة جواز إنكار المفتي على مفت آخر خالف النص أو عمم ما هو خاص لأن عائشة أنكرت على فاطمة بنت قيس تعميمها ألا سكنى للمبتوتة وإنما كان انتقال فاطمة من مسكنها لعذر من خوف اقتحامه عليها أو لبذاءتها أو نحو ذلك .

                                                                                                                السادسة عشرة استحباب ضيافة الزائر وإكرامه بطيب الطعام والشراب سواء كان المضيف رجلا أو امرأة ، والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية