الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  18678 أخبرنا عبد الرزاق ، عن عكرمة بن عمار ، قال : حدثنا أبو زميل الحنفي ، قال : حدثنا عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، قال : لما اعتزلت الحرورية فكانوا في دار على حدتهم فقلت لعلي [ ص: 158 ] يا أمير المؤمنين ، أبرد عن الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم ، قال : إني أتخوفهم عليك قلت : كلا إن شاء الله تعالى ، قال : فلبست أحسن ما أقدر عليه من هذه اليمانية ، قال : ثم دخلت عليهم وهم قائلون في نحر الظهيرة ، قال : فدخلت على قوم لم أر قوما قط أشد اجتهادا منهم ، أيديهم كأنها ثفن الإبل ، ووجوههم معلمة من آثار السجود ، قال : فدخلت فقالوا : مرحبا بك يا ابن عباس ما جاء بك ؟ قلت : جئت أحدثكم عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم نزل الوحي ، وهم أعلم بتأويله ، فقال بعضهم : لا تحدثوه وقال بعضهم : والله لنحدثنه ، قال : قلت : أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأول من آمن به وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ؟ " قالوا : ننقم عليه ثلاثا ، قال : قلت : وما هن ؟ قالوا : أولهن أنه حكم الرجال في دين الله وقد قال الله : إن الحكم إلا لله ، قال : قلت : وماذا قالوا : وقاتل ولم يسب ولم يغنم لئن كانوا كفارا لقد حلت له أموالهم ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم ؟ قال : قلت : وماذا قالوا : محا نفسه من أمير المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين . قال : قلت : أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم وحدثتكم من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما لا تنكرون ، أترجعون ؟ قالوا : نعم ، قال : قلت : أما قولكم : حكم الرجال في [ ص: 159 ] دين الله فإن الله تعالى يقول : ياأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم إلى قوله : يحكم به ذوا عدل منكم وقال في المرأة وزوجها : وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها أنشدكم الله أحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم وإصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب ثمنها ربع درهم ؟ قالوا : اللهم بل في حقن دمائهم وإصلاح ذات بينهم ، قال : أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : وأما قولكم : إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم ، أتسبون أمكم عائشة أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها ، فقد كفرتم وإن زعمتم أنها ليست أم المؤمنين فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام إن الله يقول : النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم فأنتم مترددون بين ضلالتين فاختاروا أيتهما شئتم ، أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : وأما قولكم : محا نفسه من أمير المؤمنين ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشا يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتابا ، فقال : " اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله " فقالوا : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب : محمد بن عبد الله ، فقال : " والله إني لرسول الله حقا وإن كذبتموني [ ص: 160 ] اكتب يا علي : محمد بن عبد الله " فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفضل من علي رضي الله عنه ، أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهم نعم ، " فرجع منهم عشرون ألفا وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية