الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( ولو أشركه أحد الرجلين في نصيبه ونصيب صاحبه ، فأجاز شريكه ذلك : كان للرجل نصفه ، وللشريكين نصفه ) ; لأن إشراكه في نصيبه نفذ في الحال ، وفي نصيب شريكه توقف على إجازة الشريك . وعند الإجازة يصير الشريك مشركا له في نصيبه . فكأن كل واحد منهما أشركه في نصيبه بعقد على حدة .

( وروى ) ابن سماعة عن أبي يوسف رحمهما الله أن أحد المشتريين إذا قال لرجل أشركتك في هذا العبد ، فأجاز شريكه كان العبد بينهم أثلاثا ; لأن الإجازة في الانتهاء كالإذن في الابتداء ، ولو أشركه بإذن شريكه كان بينهم أثلاثا ; وهذا لأن المجيز صار راضيا بالسبب لا مباشرا له . والحكم الثابت عند الإجازة يسند إلى وقت العقد ، فيصير كأنهما أشركاه معا ، فيكون بينهم أثلاثا . قال :

( وكذلك إن أشركه أحدهما في نصيبه ، ولم يسم في كم أشركه ، ثم أشركه الآخر أيضا في نصيبه ) ; لأن كل واحد منهما سواه بنفسه في نصيبه في عقد على حدة ، فيصير مملكا نصف نصيبه منه . وذكر ابن سماعة عن أبي يوسف رحمهما الله أن أحد المشتريين لو قال لرجل : أشركتك في نصف هذا العبد ، كان مملكا جميع نصيبه منه [ ص: 171 ] بمنزلة قوله قد أشركتك بنصف هذا . ألا ترى أن المشتري لو كان واحدا ، فقال لرجل : قد أشركتك في نصفه ، كان له نصف العبد ، بمنزلة قوله : أشركتك بنصفه - بخلاف ما لو قال : أشركتك في نصيبي - ; فإنه لا يمكن أن يجعل بهذا اللفظ مملكا جميع نصيبه بإقامة حرف في مقام حرف الباء . فإنه لو قال : أشركتك بنصيبي ، كان باطلا ; فلهذا كان له نصف نصيبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية