الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر غزو الترك

لما أمر عبد الرحمن بن ربيعة بغزو الترك خرج بالناس حتى قطع الباب . فقال له شهريار : ما تريد أن تصنع ؟ قال : أريد غزو بلنجر والترك . قال : إنا لنرضى منهم أن يدعونا من دون الباب . قال عبد الرحمن : لكنا لا نرضى حتى نغزوهم في ديارهم ، وبالله [ ص: 412 ] إن معنا أقواما لو يأذن لهم أميرنا في الإمعان لبلغت بهم الروم . قال : وما هم ؟ قال : أقوام صحبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ودخلوا في هذا الأمر بنية ، ولا يزال هذا الأمر لهم دائما ولا يزال النصر معهم حتى يغيرهم من يغلبهم ، وحتى يلفتوا عن حالهم . فغزا بلنجر غزاة في زمن عمر فقالوا : ما اجترأ علينا إلا ومعه الملائكة تمنعهم من الموت ، فهربوا منه وتحصنوا ، فرجع بالغنيمة والظفر ، وقد بلغت خيله البيضاء على رأس مائتي فرسخ من بلنجر ، وعادوا ولم يقتل منهم أحد .

ثم غزاهم أيام عثمان بن عفان غزوات ، فظفر كما كان يظفر ، حتى تبدل أهل الكوفة لاستعمال عثمان من كان ارتد استصلاحا لهم فزادهم فسادا ، فغزا عبد الرحمن بن ربيعة بعد ذلك ، فتذامرت الترك ، واجتمعوا في الغياض ، فرمى رجل منهم رجلا من المسلمين على غرة فقتله ، وهرب عنه أصحابه ، فخرجوا عليه عند ذلك ، فاقتتلوا واشتد قتالهم ، ونادى مناد من الجو : صبرا عبد الرحمن وموعدكم الجنة ! فقاتل عبد الرحمن حتى قتل ، وانكشف أصحابه ، وأخذ الراية سلمان بن ربيعة أخوه فقاتل بها ، ونادى مناد من الجو : صبرا آل سلمان ! فقال سلمان : أوترى جزعا ؟ وخرج سلمان بالناس معه أبو هريرة الدوسي على جيلان ، فقطعوها إلى جرجان ، ولم يمنعهم ذلك من إنجاء جسد عبد الرحمن ، فهم يستسقون به إلى الآن .

التالي السابق


الخدمات العلمية