الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال ) وإن أفرد الحج فأراد العمرة بعد الحج خرج من الحرم ثم أهل من أين شاء وسقط عنه بإحرامه بالحج من الميقات ، فأحرم بها من أقرب المواضع من ميقاتها ، ولا ميقات [ ص: 146 ] لها دون الحل . كما يسقط ميقات الحج إذا قدم العمرة قبله لدخول أحدهما في الآخر وأحب إلى أن يعتمر من الجعرانة لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر منها ، فإن أخطأه ذلك اعتمر من التنعيم لأن { النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة أن تعتمر منها وهي أقرب الحل إلى البيت } ، فإن أخطأه ذلك اعتمر من الحديبية لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بها وأراد المدخل لعمرته منها ، أخبرنا ابن عيينة أنه سمع عمرو بن دينار يقول سمعت عمرو بن أوس الثقفي يقول أخبرني { عبد الرحمن بن أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يردف عائشة فيعمرها من التنعيم قال الشافعي وعائشة كانت قارنة فقضت الحج والعمرة الواجبتين عليها ، وأحبت أن تنصرف بعمرة غير مقرونة بحج ، فسألت ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بإعمارها ، فكانت لها نافلة خيرا ، وقد كانت دخلت مكة بإحرام ، فلم يكن عليها رجوع إلى الميقات ، } أخبرنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أمية عن مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد عن محرش الكعبي أو محرش { أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الجعرانة ليلا فاعتمر وأصبح بها كبائت } ، أخبرنا مسلم عن ابن جريج هذا الحديث بهذا الإسناد ، وقال ابن جريج هو محرش .

( قال الشافعي ) وأصاب ابن جريج لأن ولده عندنا يقول بنو محرش ، أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك } ( أخبرنا ) سفيان عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، وربما قال سفيان عن عطاء عن عائشة وربما قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة .

( قال الشافعي ) فعائشة كانت قارنة في ذي الحجة ثم اعتمرت بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعمارها بعد الحج فكانت لها عمرتان في شهر ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر قبل الجعرانة عمرة القضية فكان متطوعا بعمرة الجعرانة ، فكان وإن دخل مكة عام الفتح بغير إحرام للحرب فليست عمرته من الجعرانة قضاء ولكنها تطوع ، والمتطوع يتطوع بالعمرة من حيث شاء خارجا من الحرم ( قال الشافعي ) ولو أهل رجل بحج ففاته خرج من حجه بعمل عمرة وكان عليه حج قابل والهدي ولم تجز هذه عنه من حجة ولا عمرة واجبة عليه لأنه إنما خرج من الحج بعمل العمرة ، لا أنه ابتدأ عمرة فتجزي عنه من عمرة واجبة عليه

التالي السابق


الخدمات العلمية