الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال الشافعي ) ومن قتل كلب زرع أو كلب ماشية أو صيد أو كلب الحرس لم يكن عليه قيمته من قبل أن الخبر إذا كان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ثمنه وهو حي لم يحل أن يكون له ثمن حيا ولا ميتا وأنا إذا أغرمت قاتله ثمنه فقد جعلت له ثمنا حيا وذلك ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو جاز أن يكون له ثمن في إحدى حالتيه كان ثمنه في الحياة مبيعا حين يقتنيه المشتري للصيد والماشية والزرع أجوز منه حين يكون لا منفعة فيه .

( قال الشافعي ) وإذا كان لك على نصراني حق من أي وجه ما كان ثم قضاكه من ثمن خمر أو خنزير تعلمه لم يحل لك أن تأخذه وسواء في ذلك حلاله وحرامه فيما قضاكه أو وهب لك أو أطعمك كما لو كان لك على مسلم حق فأعطاك من مال غصبه أو ربا أو بيع حرام لم يحل لك أخذه وإذا غاب عنك معناه من النصراني والمسلم فكان ما أعطاك من ذلك أو أطعمك أو وهب لك أو قضاك يحتمل أن يكون من حلال وحرام وسعك أن تأخذه على أنه حلال حتى تعلم أنه حرام والورع أن تتنزه عنه ولا يعدو ما أعطاك نصراني من ثمن خمر أو خنزير بحق لك أو تطوع منه عليك أن يكون حلالا لك لأنه حلال له إذا كان يستحله من أصل دينه أو يكون حراما عليك باختلاف حكمك وحكمه ولا فرق بين ما أعطاك من ذلك تطوعا أو بحق لزمه وأما أن يكون حلالا فحلال الله تعالى لجميع خلقه وحرامه عليهم واحد وكذلك هو في الخمر والخنزير وثمنهما محرمان على النصراني كهو على المسلم فإن قال قائل فلم لا تقول إن ثمن الخمر والخنزير حلال لأهل الكتاب وأنت لا تمنعهم من اتخاذه والتبايع به ؟ قيل قد أعلمنا الله عز وجل أنهم لا يؤمنون به ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله إلى قوله { وهم صاغرون } ( قال [ ص: 254 ] الشافعي ) فكيف يجوز لأحد عقل عن الله عز وجل أن يزعم أنها لهم حلال وقد أخبرنا الله تعالى أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله ؟ فإن قال قائل فأنت تقرهم عليها ؟ قلت : نعم ، وعلى الشرك بالله لأن الله عز وجل أذن لنا أن نقرهم على الشرك واستحلالهم شربها وتركهم دين الحق بأن نأخذ منهم الجزية قوة لأهل دينه وحجة الله تعالى عليهم قائمة لا مخرج لهم منها ولا عذر لهم فيها حتى يؤمنوا بالله ورسوله ويحرموا ما حرم الله ورسوله وكل ما صاده حلال في غير حرم مما يكون بمكة من حمامها وغيره فلا بأس به لأنه ليس في الصيد كله ولا في شيء منه حرمة يمنع بها نفسه إنما يمنع بحرمة من غيره ، من بلد أو إحرام محرم أو بحرمة لغيره من أن يكون ملكه مالك ، فأما بنفسه فليس بممنوع .

التالي السابق


الخدمات العلمية