الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              990 [ 510 ] وعن رافع بن خديج قال : كنا نصلي العصر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم تنحر الجزور ، فتقسم عشر قسم ، ثم تطبخ ، فنأكل لحما نضيجا قبل مغيب الشمس .

                                                                                              رواه البخاري (2485)، ومسلم (625) (198) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : " تلك صلاة المنافقين " إشارة إلى صلاة العصر المخرجة عن وقتها . ومعناه : أن الذي يخرجها عن وقتها يشبه فعله ذلك فعل المنافق الذي يتهاون بأمرها ، ويضيعها حتى يخرجها عن وقتها ; ولذلك وصفه بقوله : يجلس [ ص: 250 ] يرقب الشمس " ، وهذه عبارة عن عدم مبالاته بها وتضييعه لها ، حتى إذا رأى الشمس قد حان غروبها ، قام يصليها على ما ذكر رياء وتلبيسا . وقد تقدم القول على " قرني الشيطان " . وهذا الحديث يدل : على أن آخر وقت إباحة العصر : ما لم تصفر الشمس ، وما لم يصر ظل كل شيء مثليه على ما قدمناه .

                                                                                              وقوله : " كنا نصلي العصر ثم ننحر الجزور " الحديث . هذا وما قبله يدل : على فساد مذهب أبي حنيفة ; إذ قال : إن أول وقت العصر : إذا صار ظل كل شيء مثليه ; إذ لا يتسع الوقت على رأيه لمثل هذا الفعل ، ولا لأن يأتوا العوالي والشمس مرتفعة ، بل يتمكن من مثل هذا كله إذا صليت في أول المثل الثاني ، وكان النهار طويلا ، والله تعالى أعلم .

                                                                                              وقوله : " قام فنقرها أربعا " ; هذا النقر عبارة عن سرعة حركاته في أركان الصلاة في ركوعها وسجودها ، وخفة ذلك ، بحيث لا يتم ركوعها ولا سجودها ، فشبهه بنقر الطائر ، وهو ذم لمن فعل ذلك . وفيه رد على من قال : إن الواجب من [ ص: 251 ] أركان الصلاة ومن الفصل بين أركانها أقل ما ينطلق عليه الاسم ; لأن من اقتصر على ذلك صدق عليه : أنه نقر الصلاة ، فدخل في الذم المترتب على ذلك .

                                                                                              وقوله : " لا يذكر الله فيها إلا قليلا " ; أي : لسرعة حركاته فيها ، وليرائي بالقليل الذي يذكره عند تخيله من يلاحظه من الناس .

                                                                                              والجزور من الإبل ، والجزرة من غيرها : وهو ما يعد من ذلك للجزر ، وهو الشق والقطع . وتأخير عمر بن عبد العزيز الظهر كان على عادة بني أمية في تأخيرهم الصلوات ; كما قد أخر عمر العصر حين أنكر عليه عروة ، ويحتمل أن يكون ذلك التأخير منه نادرا لشغل شغله من أمور المسلمين ، والله تعالى أعلم .



                                                                                              الخدمات العلمية