الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1189 [ 606 ] وعن عائشة ، أنها كانت تقول : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ركعتي الفجر ، فيخفف حتى إني أقول : هل قرأ فيها بأم القرآن ! .

                                                                                              رواه أحمد (6 \ 164 و 165)، والبخاري (619)، ومسلم (724) (92)، وأبو داود (1255)، والنسائي (3 \ 256) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقول عائشة : إنه كان يخففهما حتى إني أقول : هل قرأ فيهما بأم القرآن ؟ ليس معنى هذا أنها شكت في قراءته - صلى الله عليه وسلم - فيها بأم القرآن ; لأنه قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن ، وإنما معنى ذلك : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان في غيرها من النوافل يقرأ بالسورة ، ويرتلها حتى تكون أطول من أطول منها ، بخلاف فعله في هذه ، فإنه كان يخفف أفعالها وقراءتها ، حتى إذا نسبت إلى قراءته في غيرها كانت كأنها لم يقرأ فيها . وقد دل على صحة هذا ما في حديث أبي هريرة : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ فيهما بـ : قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد ، وهذا بعد قراءة الفاتحة في الركعتين قبل السورتين ، على ما قد تبين اشتراطه في الصلاة كما تقدم ، وعلى هذا يحمل حديث ابن عباس : أنه كان يقرأ فيهما بقوله تعالى : قولوا آمنا بالله [ البقرة :136 ] وبقوله تعالى : تعالوا إلى كلمة [ آل عمران : 64 ] : إنه [ ص: 363 ] كان يقرأ ذلك بعد الفاتحة ، وما ذكرناه هو الظاهر من مجموع الأحاديث ، وهو اختيار جمهور أصحاب مالك ; استحبوا أن يقرأ فيهما بأم القرآن في كل ركعة منهما ، و قل يا أيها الكافرون في الأولى ، و قل هو الله أحد في الآخرة ، وهو قول الشافعي وأحمد ، واستحب مالك الاقتصار على أم القرآن على ظاهر حديث عائشة ، وذهب قوم إلى أنه لا يقرأ فيهما بالجملة الكافية ; حكاه الطحاوي ، وذهب النخعي إلى جواز إطالة القراءة فيهما ، واختاره الطحاوي ، وذهب الثوري والحسن وأبو حنيفة : إلى أنه يجوز لمن فاته حزبه من الليل أن يقرأه فيهما .




                                                                                              الخدمات العلمية