الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل في اجتماع الخلطة والانفراد في حول واحد

                                                                                                                                                                        فإذا لم يكن لهما حالة انفراد ، بأن ورثا ماشية أو ابتاعاها دفعة واحدة شائعة أو مخلوطة ، وأداما الخلط سنة - زكيا زكاة الخلطة بلا خلاف ، وكذا لو ملك كل واحد دون النصاب وبلغ بالخلط نصابا - زكيا زكاة الخلطة قطعا . أما إذا انعقد الحول على الانفراد ثم طرأت الخلطة ، فإما أن يتفق ذلك في حق الخليطين جميعا وإما في حق أحدهما ، فإن اتفق في حقهما ، فتارة يتفق حولاهما ، وتارة يختلفان ، فإن اتفقا ، بأن ملك كل واحد منهما أربعين شاة غرة المحرم ، ثم خلطا غرة صفر - فقولان . [ ص: 177 ] الجديد أنه لا تثبت الخلطة في السنة الأولى ، فإذا جاء المحرم ، وجب على كل واحد شاة . والقديم : تثبت ، فيجب في المحرم على كل واحد نصف شاة ، وعلى القولين جميعا في الحول الثاني فما بعده يزكيان زكاة الخلطة لوجودها في جميع السنة .

                                                                                                                                                                        قلت : الأظهر : الجديد ، ويجري القولان متى خلطا قبل انقضاء الحول بزمن ، لو علفت السائمة فيه سقط حكم السوم . وفيه خلاف يأتي إن شاء الله تعالى . واختار صاحب البيان في كتابه مشكلات المذهب أنه ثلاثة أيام . والمراد التقريب . وقد اتفقوا على أنه لا جريان للقديم إذا لم يبق من الحول إلا يوم أو يومان ، ونحو ذلك ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وإن اختلف حولاهما ، بأن ملك هذا غرة المحرم ، وذلك غرة شهر صفر ، وخلطا غرة شهر ربيع - بني على القولين عند اتفاق الحول . فعلى الجديد : إذا جاء المحرم على الأول شاة ، وإذا جاء صفر فعلى الثانية شاة . وعلى القديم : على كل واحد نصف شاة عند انقضاء حوله من حين ملك . ثم في سائر الأحوال يتفق القولان على ثبوت حكم الخلطة ، فيكون على الأول عند غرة كل محرم نصف شاة . وعلى الثاني عند غرة كل صفر نصف شاة . ولنا وجه أن الخلطة في جميع الأحوال لا تثبت . واتفق الأصحاب على ضعفه ، ونسب الجمهور هذا الوجه إلى تخريج ابن سريج . وقال المحاملي : ليس هذا لابن سريج ، بل هو لغيره . أما إذا اتفق في حق أحدهما ، بأن ملك أربعين في غرة المحرم وملك الثاني أربعين غرة صفر ، وخلطاها عند الملك ، أو خلط الأول أربعينه غرة صفر بأربعين لغيره ، ثم باع الثاني أربعينه غرة صفر بأربعين لغيره ، ثم باع الثاني لثالث - فقد ثبت للأول حكم الانفراد شهرا ، والثاني لم ينفرد أصلا ، ويبني على حاله المتقدمة ، فإذا جاء المحرم فعلى الأول شاة في الجديد ، ونصف شاة في القديم ، وإذا جاء صفر فعلى الثاني نصف شاة في القديم ، وعلى الجديد وجهان أصحهما : نصف شاة ، والثاني : شاة ، وثبت [ ص: 178 ] حكم الخلطة في باقي الأحوال على المذهب . وعلى الوجه المنسوب إلى ابن سريج : لا يثبت .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية