الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع في صور بناها الأصحاب على هذه الاختلافات

                                                                                                                                                                        منها : لو ملك أربعين شاة غرة المحرم ثم أربعين غرة صفر ، فعلى الجديد : إذا جاء المحرم لزمه الأربعين الأول شاة ، وإذا جاء صفر لزمه الأربعين الثانية نصف شاة على الأصح ، وقيل : شاة . وعلى القديم : يلزمه نصف شاة لكل أربعين في حولها ، ثم يتفق القولان في سائر الأحوال ، وعلى الوجه المنسوب إلى ابن سريج : يجب في الأربعين الأولى شاة عند تمام حولها ، وفي الثانية شاة عند تمام حولها . وهكذا أبدا ما لم ينقص النصاب ، والغرض أنه كما تمتنع الخلطة في ملك الشخصين عند اختلاف التاريخ ، يمتنع في ملكي الواحد .

                                                                                                                                                                        ومنها : لو ملك الرجل أربعين غرة المحرم ، ثم ملك أربعين غرة صفر ، ثم أربعين غرة شهر ربيع ، فعلى القديم : يجب في كل أربعين ثلث شاة عند تمام حولها ، وعلى الجديد : يجب في الأولى لتمام حولها شاة . وفي ما يجب في الثانية لتمام حولها وجهان ، أصحهما : نصف شاة . والثاني : شاة . وفيما يجب في الثالثة لتمام حولها وجهان ، أصحهما : ثلث شاة . والثاني : شاة ، ثم يتفق القولان في سائر الأحوال . وعلى وجه ابن سريج : يجب في كل أربعين لتمام حولها شاة أبدا .

                                                                                                                                                                        ومنها : لو ملك أربعين غرة المحرم ، وملك آخر عشرين غرة صفر ، وخلطا عند ملك الثاني ، فإذا جاء المحرم لزم الأول شاة في الجديد ، وثلثاها في القديم ، وإذا جاء صفر لزم الثاني ثلث شاة على القولين ؛ لأنه خالط في جميع حوله . وعلى وجه ابن سريج : يجب على الأول شاة أبدا ، ولا شيء على صاحب العشرين [ ص: 179 ] أبدا ؛ لاختلاف التاريخ . ولو ملك مسلم وذمي ثمانين شاة من أول المحرم ، ثم أسلم الذمي غرة صفر ، كان المسلم كمن انفرد بماله شهرا ثم طرأت الخلطة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        جميع ما قدمناه في الفصل المتقدم وفرعه هو في طريان خلطة الجوار ، فلو طرأت خلطة الشيوع بأن ملك أربعين شاة ستة أشهر ، ثم باع نصفها مشاعا ، ففي انقطاع حول البائع طريقان .

                                                                                                                                                                        أحدهما : قول ابن خيران : إنه على القولين فيما إذا انعقد حولهما على الانفراد ثم خلطا ، إن قلنا : يزكيان زكاة الخلطة ، لم ينقطع حوله ، وإن قلنا : زكاة الانفراد ، انقطع لنقصان النصاب .

                                                                                                                                                                        والطريق الثاني ، وبه قطع الجمهور ونقله المزني والربيع عن نصه أن الحول لا ينقطع ؛ لاستمرار النصاب بصفة الانفراد ، ثم بصفة الاشتراك ، فعلى هذا إذا مضت ستة أشهر من يوم الشراء لزم البائع نصف شاة لتمام حوله . وأما المشتري ، فينظر ، إن أخرج البائع واجبه وهو نصف شاة من المشترك ، فلا شيء عليه ؛ لنقصان المجموع عن النصاب قبل تمام حوله ، وإن أخرج من غيره ، بنى على تعلق الزكاة بالعين أو بالذمة . إن قلنا بالذمة لزمه نصف شاة عند تمام حوله ، وإن قلنا بالعين ، ففي انقطاع حول المشتري قولان ، أظهرهما عند العراقيين : الانقطاع . ومأخذهما أن إخراج الزكاة من موضع آخر يمنع زوال الملك عن قدر الزكاة ، أو يفيد عوده بعد الزوال ، ولو ملك ثمانين شاة فباع نصفها مشاعا في أثناء الحول ، لم ينقطع حول البائع في النصف الثاني قطعا . وفي واجبه لتمام حوله وجهان ، أصحهما : نصف شاة . والثاني : شاة ، ولو أن [ ص: 180 ] مالك الأربعين باع بعضها ، نظر ، إن ميزها قبل البيع أو بعده وأقبضها ، فقد زالت الخلطة إن كثر زمن التفريق ، فإذا خلطا ، استأنف الحول ، وإن كان زمن التفريق يسيرا ، ففي انقطاع الحول وجهان ، أوفقها لكلام الأكثرين : الانقطاع ، فلو لم يميزا ولكن أقبض البائع المشتري جميع الأربعين لتصير العشرون مقبوضة ، فالحكم كما لو باع النصف مشاعا ، فلا ينقطع حول الباقي على المذهب . وفيه وجه أنه ينقطع بالانفراد بالبيع . والطارئ هنا : خلطة جوار ، وإن ذكرناها هاهنا . ولو كان لهذا أربعون ولهذا أربعون ، فباع أحدهما جميع غنمه بغنم صاحبه في أثناء الحول - انقطع حولاهما واستأنفا من وقت المبايعة ، ولو باع أحدهما نصف غنمه شائعا بنصف غنم صاحبه شائعا ، والأربعونان مميزتان ، فحكم الحول فيما بقي لكل واحد منهما من أربعينه ، كما إذا كان للواحد أربعون فباع نصفها شائعا . والمذهب أنه لا ينقطع ، فإذا تم حول ما بقي لكل واحد منهما ، فهذا مال ثبت له الانفراد أولا والخلطة في آخر الحول ، ففيه القولان السابقان ، القديم أنه يجب على كل واحد ربع شاة . والجديد : على كل واحد نصف شاة ، وإذا مضى حول من وقت التبايع لزم كل واحد للقدر الذي ابتاعه ربع شاة على القديم . وفي الجديد وجهان ، أصحهما : ربع شاة ، والثاني : نصفها .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية