الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب :

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : إلا تذكرة لمن يخشى : مفعول له على تقدير فعل مضمر ؛ التقدير : ما أنزلنا عليك القرآن للشقاء ، ما أنزلناه إلا للتذكرة ، ولا يجوز حمله على الفعل الأول ؛ لأن ثم مفعولا له آخر ، فلا يكونان لفعل واحد .

                                                                                                                                                                                                                                      الكوفيون : هو تكرير ، وأجاز بعض النحويين أن يكون بدلا من {لتشقى} ، وأنكره أبو علي ؛ من أجل أن التذكرة ليست بشقاء ، ويجوز أن ينتصب على أنه مصدر ؛ على تقدير : أنزلنا لتذكر به تذكرة .

                                                                                                                                                                                                                                      {الرحمن} : خبر مبتدأ محذوف ، أو بدل من المضمر في {خلق} ؛ فيوقف على هذين التقديرين على {استوى} ، ولا يوقف على (العلى ) إذا قدرت {الرحمن} بدلا من الضمير في {خلق} .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون {الرحمن} مبتدأ ، والخبر : ما في السماوات ؛ فلا يوقف على {استوى} .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن كسر الهمزة من نودي يا موسى} أني أنا ربك} ؛ فلأن النداء بمعنى القول ، ويجوز أن يكون القول مضمرا ، ومن فتح ؛ فتقديره : نودي بأني ، [ ص: 311 ] فـ (أن ) نصب بسقوط الجار .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي {نودي} ضمير اسم ما لم يسم فاعله يرجع إلى {موسى} ، ولا يصح كون يا موسى اسم ما لم يسم فاعله ، ولا إني أنا ربك ؛ لأنهما جملتان ، والجملة لا تقوم مقام الفاعل .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن نون {طوى} ؛ جاز أن يكون اسم الوادي ؛ فيكون مذكرا سمى به مذكرا ، وجاز أن يكون صفة ؛ كـ (حطم ) ، على قول من قال : قدس مرتين ، ومن لم يصرفه ؛ جاز أن يكون اسم بقعة ، أو أرض ، فيكون فيه التعريف والتأنيث ، وجاز أن يكون معدولا عن (طاو ) معرفة ؛ كالقراءة المتقدم ذكرها .

                                                                                                                                                                                                                                      وضم الطاء وكسرها لغتان ؛ كما قيل للقوم الذين يثنى بهم بعد السادة : (ثنى ) ، و (ثنى ) .

                                                                                                                                                                                                                                      والقول في وأنا اخترتك} وأنا اخترناك} : ظاهر .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 312 ] ومن قرأ : {أخفيها} ؛ بضم الهمزة ، فهو على ما تقدم في التفسير ، ومن فتح الهمزة ؛ فالمعنى : أظهرها ، يقال : (خفيت الشيء ) ؛ إذا أظهرته .

                                                                                                                                                                                                                                      [وإذا كان {أخفيها} بمعنى : أظهرها ؛ فاللام في {لتجزى} متعلقة بنفس {أخفيها} ، فلا يوقف على {أخفيها} ، وإذا كان {أخفيها} بمعنى : أسترها ؛ فاللام متعلقة بنفس {آتية} ؛ التقدير : إن الساعة آتية لتجزى كل نفس بما تسعى أكاد أخفيها ، فينبغي أن يوقف على {أخفيها} وقفة خفيفة ؛ لئلا يظن أن اللام متعلقة بنفس {أخفيها} ، وليس هو بموضع للوقف ، وإنما هو إيذان بالمعنى المذكور .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في مثل : {عصاي} ، و {عصي} .

                                                                                                                                                                                                                                      وضم الهاء وكسرها في {وأهش} : لغتان ، ومن قرأ : {أهس} ؛ بالسين ؛ فمعناه : أسوق ، يقال : (رجل هساس ) ؛ أي : سواق ، ودخلت {على} حملا على المعنى ؛ لأن فيه معنى الميل والانتحاء .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 313 ] سنعيدها سيرتها الأولى : {سيرتها} : بدل من الهاء والألف في {سنعيدها} ، أو على تقدير : سنعيدها إلى سيرتها الأولى ؛ فحذف (إلى ) .

                                                                                                                                                                                                                                      آية أخرى : حال من المضمر في تخرج بيضاء ، أو منصوبة بإضمار فعل ؛ التقدير : آتيناك آية أخرى ، ويجوز رفعها على تقدير : هذه آية أخرى .

                                                                                                                                                                                                                                      هارون أخي} : نصب {هارون} على البدل من قوله : {وزيرا} ، [أو يكون منصوبا بـ {اجعل} ؛ على التقديم والتأخير ؛ التقدير : واجعل لي هارون أخي وزيرا ] .

                                                                                                                                                                                                                                      والقراءتان في {أخي} {اشدد} ، و {وأشركه} ظاهرتان .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن أسكن اللام من {ولتصنع} ؛ فهي لام الأمر ، وظاهره للمخاطب ، والمأمور غائب ، ومن قرأ : {ولتصنع} ؛ فالمعنى : ولتكون حركتك وتصرفك بمشيئتي ، وعلى عين مني ، ومن قرأ : {ولتصنع} ؛ فالمعنى : ولتربى أو تغذى .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في كسر القاف وفتحها من : {تقر} .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 314 ] وتقدم القول في {يفرط} ، و {يفرط} : راجعة إلى معناه ؛ لأنه منقول منه ، فمعناه : يحمل على العجلة ، وفتح الياء والراء يجوز أن يكون لغة .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه} ؛ فالمعنى : أعطاه ما يصلحه ، ويجوز أن يكون مخصوصا ، ومفعول {أعطى} الأول محذوفا ؛ كأنه قال : أعطاكم كل شيء خلقه مما خلق ؛ لينتفع به ، ثم هداكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في قراءة من أسكن اللام في التفسير .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {مهدا} ؛ جاز أن يكون مصدرا ؛ كـ (الفرش ) ، وجاز أن يكون على تقدير حذف المضاف ؛ والمعنى : ذات مهد .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {مهادا} ؛ جاز أن يكون مفردا ؛ كـ (الفراش ) ، وجاز أن يكون جمع (مهد ) ، استعمل استعمال الأسماء ، فكسر .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن أسكن الفاء من قوله : {لا نخلفه} ؛ جعله جوابا لقوله : (اجعل ) ، ومن رفع ؛ فهو نعت لـ (موعد ) ؛ والتقدير : موعدا غير مخلف .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 315 ] ونصب قوله : {مكانا} بأنه مفعول ثان لـ (جعل ) ، ولا يحسن انتصابه بـ (الموعد ) على أنه مفعول ، أو ظرف له ؛ لأن الموعد قد وصف ، والأسماء التي تعمل عمل الأفعال إذا وصفت أو صغرت ؛ لم ينبغ أن تعمل ؛ لخروجها عن شبه الفعل .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يكون {مكانا سوى} محمولا على لا نخلفه} ؛ إذ ليس المعنى : لا نخلف الموعد في مكان وسط بيننا وبينك ، إنما المعنى : تواعدوا مكانا وسطا بيننا ؛ لنحضره ، ولم يحسن حمله على أنه ظرف وقع موقع المفعول الثاني ؛ لأن الموعد إذا وقع بعده ظرف ؛ لم تجره العرب معه مجرى سائر المصادر مع الظروف ؛ لكنهم يتسعون فيه ؛ كقوله تعالى : إن موعدهم الصبح [هود : 81 ] ، و موعدكم يوم الزينة [طه : 59 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وضم السين وكسرها من {سوى} لغتان ، وهو اسم صفة ، والضم في الصفات أكثر من الكسر ؛ نحو مالا لبدا [البلد : 6 ] ، و (رجل حطم ) ، وشبههما ، وقد جاء الكسر ؛ نحو : (قوم عدى ) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 316 ] ومن قرأ : موعدكم يوم الزينة ؛ بالرفع ؛ فـ (الموعد ) على قراءته زمان ؛ التقدير : وقت موعدكم يوم الزينة ، ويقوي الرفع عطف وأن يحشر الناس ضحى عليه ؛ لأن {أن} لا تكون ظرفا وإن كان المصدر الصريح يكون ظرفا ؛ كـ (مقدم الحاج ) ، ومن قال : (أتيتك مقدم الحاج ) ؛ لم يقل : (أتيتك أن يقدم الحاج ) ، وموضع {أن} رفع على العطف على {يوم} ، وهو على تقدير حذف المضاف ، حسب ما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن نصب {يوم الزينة} ؛ جعل (الموعد ) مصدرا ، والظرف بعده خبرا عنه ، فهو كقولك : (قيامكم يوم الجمعة ) ، وهو على تقدير حذف المضاف ؛ كأنه قال : إنجاز موعدنا إياكم في يوم الزينة ، ويحتمل أن تكون {أن} من قوله : وأن يحشر الناس ضحى رفعا على العطف على (الموعد ) ، كأنه قال : إنجاز موعدكم وحشر الناس ضحى [في يوم الزينة ، ويحتمل أن يكون جرا على العطف على {الزينة} ؛ التقدير : موعدكم يوم الزينة ] وحشر الناس ضحى ؛ [ ص: 317 ] أي : يوم هذا وهذا .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {وأن يحشر الناس} ؛ فعلى معنى : وأن يحشر الله الناس ، أو نحوه .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {وأن تحشر الناس} ؛ فالمعنى : وأن تحشر أنت الناس .

                                                                                                                                                                                                                                      والقراءتان في {فيسحتكم} لغتان بمعنى .

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية