الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات : قال مجاهد: الصلاة للإنسان، و (التسبيح) لما سواه من الخلق، وقيل:(التسبيح) ههنا: ما يرى في المخلوق من أثر الصنعة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: كل قد علم صلاته وتسبيحه : قيل: الضمير فيه لله عز وجل، وقيل: للمصلي والمسبح; فإذا جعل لله تعالى; لم يوقف على {تسبيحه} ; لأن الاسم قد ظهر، وإذا كان الضمير للمصلي والمسبح; كان الوقف على {تسبيحه} حسنا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ألم تر أن الله يزجي سحابا أي: يسوقه، ثم يؤلف بينه ; أي: يجمع القطعة إلى القطعة حتى يأتلف، ثم يجعله ركاما أي: بعضه فوق بعض.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فترى الودق أي: المطر، يخرج من خلاله أي: من خلال السحاب.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 569 ] وقوله: وينـزل من السماء من جبال فيها من برد : {من} في الموضعين عند الأخفش: زائدة، والتقدير عند الفراء: من جبال برد; فالجبال عنده هي البرد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: التقدير: من جبال برد فيها; كقولك:(هذا خاتم في يدي من حديد) ; أي: هذا خاتم حديد في يدي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: وينزل من السماء مقدار جبال فيها برد; كما يقال: (عند فلان جبال مال) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يكاد سنا برقه أي: ضياؤه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يقلب الله الليل والنهار أي: يدخل هذا في هذا، وقيل: المعنى: يأتي بهذا على إثر هذا، فينقلب موضع الليل نهارا، وموضع النهار ليلا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والله خلق كل دابة من ماء : (الدابة) : ما دب من الحيوان.

                                                                                                                                                                                                                                      فمنهم من يمشي على بطنه : على تغليب من يعقل; لاشتمال أول الكلام على من يعقل وما لا يعقل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أي: إن يكن لهم الحق; يأتوا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منقادين; يعني: قريشا، عن عطاء، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 570 ] و (المذعن) : المقر بالشيء طائعا غير مكره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا الآية: لفظ الاستفهام، ومعناه التقرير والتوبيخ.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله : أم يخافون أن يحيف عليهم رسول الله؟ يدل على ذلك قوله: وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ، [ولم يقل: ليحكما بينهم]، فذكر اسم الله ـ تعالى ـ استفتاح كلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم الآية: لفظ هذا لفظ الخبر، ومعناه التحضيض.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا : هذا في المنافقين، و {تقسموا} : تمام الكلام، ثم قال: طاعة معروفة أي: طاعة معروفة أولى بكم من أيمانكم، أو لتكن منكم طاعة معروفة.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: المعنى: قد عرفت طاعتكم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإن تولوا فإنما عليه ما حمل أي: فإن تتولوا; فحذف إحدى التاءين، فإنما عليه البلاغ، وعليكم ما حملتم أي: وعليكم القبول.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض الآية: هذا [ ص: 571 ] دليل على خلافة الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم، وأن الله ـ تعالى ـ استخلفهم، ورضي إمامتهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: كما استخلف الذين من قبلهم يعني: بني إسرائيل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يعبدونني لا يشركون بي شيئا : حال; أي: وعدهم بذلك في هذه الحال، ويجوز أن يكون مستأنفا.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي، أن قوما شكوا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما هم فيه من الضيقة; فنزلت الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في قوله: يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم إلى آخر السورة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية