الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: أرأيت من اتخذ إلهه هواه معناه: ما كان أحدهم يفعله من عبادة الحجر، فإذا رأى حجرا أحسن منه; أخذه وترك الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن: المعنى: لا يهوى شيئا إلا اتبعه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أفأنت تكون عليه وكيلا أي: كفيلا، وقيل: المعنى: أفأنت تجبره على ترك هواه؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ألم تر إلى ربك كيف مد الظل : يجوز أن يكون من رؤية العين، ويجوز أن يكون من العلم.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الحسن، وقتادة، وغيرهما: مد الظل : من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وقيل: هو من غيبوبة الشمس إلى طلوعها.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيده: {الظل} : بالغداة، و[الفيء]: بالعشي; لأنه يرجع بعد زوال الشمس.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولو شاء لجعله ساكنا أي: دائما لا يزول، عن ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما، وقيل: المعنى: لو شاء لمنع الشمس الطلوع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ثم جعلنا الشمس عليه دليلا أي: بإذهابها إياه عند مجيئها، عن ابن زيد.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: تتلوه، وتتبعه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 29 ] وقيل: المعنى: دللنا الشمس على الظل حتى ذهبت به; أي: أتبعناها إياه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: دلالة الشمس على الظل أنهما ضدان، والضد يدل على ضده.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا أي: خفيا، عن مجاهد، الضحاك: سريعا; والمعنى: ثم قبضنا الظل إلينا بعد غروب الشمس بدخول الظلمة عليه قبضا خفيا; لأنه لا يذهب مرة واحدة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وهو الذي جعل لكم الليل لباسا أي: سترا; لأنه يلبس ظلمته كل شخص.

                                                                                                                                                                                                                                      والنوم سباتا أي: راحة، وأصله: قطع العمل; ومنه: [يوم السبت].

                                                                                                                                                                                                                                      [وقيل: أصله: التمدد، ومنه: [سبتت المرأة شعرها]; أي: حلته وأرسلته.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: أنه جعل النوم سباتا، ولم يجعله موتا; لأن النائم يفقد من التمييز وغيره أشياء مما يفقدها الميت.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يراد بـ[السبات]: النوم الممتد الطويل السكون، وليس السبات كل نوم، فيكون المعنى: جعلنا النوم ممتدا تصحبه الراحة، ولم نجعله تمويتا]،

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 30 ] [ولا غرارا، وقد قالوا في من يصفونه بكثرة النوم: [مسبوت]، و[به سبات]، ولم يقولوه في كل نوم].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وجعل النهار نشورا أي: ينشر فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأناسي كثيرا : {وأناسي} : جمع [إنسان، وأصله: [أناسين]، وأبدلت النون ياء.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو عند المبرد جمع [إنسي]; كـ[كرسي، وكراسي]، وقد جاء فيه: [أناسين]، و[أناسية].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولقد صرفناه بينهم يعني: المطر.

                                                                                                                                                                                                                                      {ليذكروا} أي: ليذكروا نعم الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      [وقوله: فأبى أكثر الناس إلا كفورا أي: جحدا لنعم الله تعالى]، وقيل: هو قولهم: [مطرنا بنوء كذا].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وجاهدهم به جهادا كبيرا : الهاء في {به} للقرآن، عن ابن عباس، ابن زيد: هي للإسلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وهو الذي مرج البحرين أي: خلى بينهما، وخلطهما، فهما يختلطان في العين، وبينهما حاجز من قدرة الله عز وجل.

                                                                                                                                                                                                                                      و[الفرات]: الشديد العذوبة، و[الأجاج]: شديد الملوحة، و[البرزخ]: الحاجز، و[الحجر]: المانع.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن، وقتادة: يعني: بحر فارس، وبحر الروم.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس، وابن جبير: يعني: بحر السماء، وبحر الأرض.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 31 ] قال ابن عباس: يلتقيان في كل عام.

                                                                                                                                                                                                                                      فأما قوله: مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان [الرحمن: 19 - 20]; فقال ابن زيد: المعنى: لا يبغيان أن يلتقيا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد: لا يبغي أحدهما على الآخر; فيختلط به.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال قتادة: لا يبغيان على الناس فيغرقانهم، جعل بين الناس وبينهما اليبس.

                                                                                                                                                                                                                                      وعلى قول ابن عباس يكون المعنى: يلتقيان في كل عام وبينهما برزخ، لا يبغي أحدهما على الآخر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا : قال ابن عباس: [النسب]: ما ذكر من قوله: حرمت عليكم أمهاتكم إلى: وبنات الأخت [النساء: 23]، و[الصهر]: من وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم إلى: وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم [النساء: 23]، فـ[النسب]: سبعة أصناف، و[الصهر]: خمسة، وعنه أيضا: [الصهر]: سبعة، من: وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم إلى آخر ذكر الصهر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: [النسب]: ذكر الأولاد، و[الصهر]: البنات.

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء: [النسب]: الذي لا يحل نكاحه، و[الصهر]: النسب الذي يحل

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 32 ] نكاحه، وهو مذهب الزجاج.

                                                                                                                                                                                                                                      واشتقاق [الصهر] من [صهرت الشيء]; إذا خلطته، فكل واحد من الصهرين قد خالط صاحبه.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن الأعرابي: [الصهر]: زوج ابنة الرجل، وأخوه، وأبوه، وعمه، و[الأختان]: أبو المرأة، وأخوها، وعمها.

                                                                                                                                                                                                                                      الأصمعي: [الأختان]: كل شيء من قبل المرأة، و[الأصهار]: يجمع الجميع.

                                                                                                                                                                                                                                      واشتقاق [الختن] من [ختنه]; إذا قطعه; فكأن الزوج قد انقطع عن أهله، وقطع زوجته عن أهلها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن المراد بقوله: خلق من الماء بشرا : آدم عليه السلام; لأنه خلق من الأرض، والأرض مخلوقة من الماء.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية