الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وركوع تقرب راحتاه فيه من ركبتيه وندب تمكينهما منهما ونصبهما )

                                                                                                                            ش [ ص: 520 ] يعني من فرائض الصلاة الركوع ، وأقله أن ينحني حتى تقرب فيه راحتا كفيه أي بطونهما من ركبتيه والمستحب أن يمكن الراحتين من الركبتين وينصب الركبتين ، وما قاله المصنف قال ابن ناجي هو قول ابن شعبان ، خلاف ظاهر المدونة قال فيها : وإذا مكن يديه من ركبتيه في الركوع وإن لم يسبح أو مكن جبهته وأنفه من الأرض في السجود فقد تم ذلك إذا تمكن مطمئنا قال ابن ناجي في شرحها : ظاهره أن وضع اليدين على الركبتين شرط لا يسمى ركوعا إلا بذلك وصرح بذلك الباجي فقال المجزئ من الركوع أن يمكن يديه من ركبتيه ، وعزاه اللخمي لقول مالك فيها ، وقال ابن شعبان : أخفه بلوغ يديه آخر فخذيه به وذكر ابن يونس نحوه عن مالك في المجموعة وعليه يحمل قول ابن الحاجب ويستحب أن ينصب ركبتيه ويضع كفيه عليهما يعني أن المستحب وضعهما على الركبتين ويجزئ وضعهما على أطراف الفخذين ، ويتحصل أنه إذا لم يضع يديه ألبتة فلا خلاف في البطلان وإن وضعهما كما قال ابن شعبان ففيه خلاف ، وكان شيخنا رحمه الله يفهم قول ابن شعبان وابن الحاجب على أن أصل وضعهما مستحب فلو لم يضعهما ألبتة فإن صلاته مجزئة ويفتي بذلك وكان شيخنا أبو يوسف الزغبي يفتي بأن الصلاة باطلة واختلفت فتوى شيخنا أبي مهدي والشبيبي فكان يفتي بالبطلان ثم أفتى بالصحة إلى أن مات رحمه الله ، انتهى . ولعل صوابه فكانا يفتيان وتأمل قول المدونة فإنه إنما يقتضي أن الصفة المذكورة هي التامة فقط ، ولا يقتضي بطلان غيرها ولهذا قال صاحب الطراز : أما تمكين اليدين من الركبتين في الركوع فمستحب عند الكافة وليس بواجب ، انتهى .

                                                                                                                            ولهذا اقتصر ابن الحاجب على قوله : أقله أن ينحني بحيث تقرب راحتاه من ركبتيه . وأقره المصنف في التوضيح ولم يرد عليه ، والله أعلم . وأما ابن عرفة فذكر هذه النقول التي ذكرها ابن ناجي ثم قال ابن ناجي : فظاهره أن التسبيح ليس بفرض يريد وكذلك في السجود وهو كذلك ، وفي المبسوط ليحيى بن إسحاق عن يحيى بن يحيى وعيسى بن دينار من لم يذكر الله في ركوعه ولا سجوده أعاد صلاته ، قال عياض : فتأوله شيخنا التميمي بترك ذلك لترك الطمأنينة الواجبة وتأوله ابن رشد بتعمد تركه حتى التكبير كتعمد ترك السنة .

                                                                                                                            ( قلت ) وما قاله خلاف قول ابن رشد في البيان إنما قالاه استحبابا لا وجوبا ، انتهى .

                                                                                                                            ( تنبيه ) قال الأقفهسي في شرح الرسالة : ولو كان بيديه ما يمنع وضعهما على ركبتيه أو قصر كثير لم يزد في الانحناء على تسوية ظهره ، فإن كانت إحداهما مقطوعة وضع الباقية على ركبتها ، انتهى . ونقله جميعه صاحب الطراز ونقل في الفرع الأخير عن بعض الشافعية أنه يضع اليد الباقية على الركبتين جميعا ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية