الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حذيفة بن اليمان :

              26 - أخبرني [ ص: 32 ] أبو القاسم عمر بن أحمد ، عن أبي بكر أحمد بن هارون ، قال : ثنا يزيد بن جهمور ، قال : ثنا الحسن بن يحيى بن كثير العنبري ، قال : ثنا أبي ، عن إبراهيم بن [ ص: 33 ] المبارك ، عن القاسم بن مطيب ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة بن اليمان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتاني جبريل ، فإذا في كفه مرآة كأصفى المرايا وأحسنها ، وإذا في وسطها نكتة سوداء " ، قال : " قلت : يا جبريل ، ما هذه ؟ ، قال : هذه الدنيا صفاؤها وحسنها ، قلت : وما هذه اللمعة في وسطها ؟ ، قال : هذه الجمعة ، قلت : وما الجمعة ؟ قال : يوم من أيام ربك عظيم ، وسأخبرك بشرفه ، وفضله ، واسمه في الآخرة ، أما شرفه وفضله في الدنيا فإن الله جمع فيه أمر الخلق ، وأما ما يرجى فإن فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم ، أو أمة مسلمة يسألان الله فيها خيرا إلا أعطاهما إياه ، وأما شرفه وفضله واسمه في الآخرة ، فإن الله تعالى إذا صير أهل الجنة إلى الجنة ، وأهل النار إلى النار ، وجرت عليهم أيامها وساعاتها ، ليس بها ليل ولا نهار إلا قد علم الله مقدار ذلك وساعته ، فإذا كان يوم الجمعة في الحين الذي يبرز أو يخرج فيه أهل الجمعة إلى جمعتهم نادى مناد : يا أهل الجنة اخرجوا إلى دار المزيد ، لا يعلم سعته ، وعرضه ، وطوله إلا الله عز وجل في كثبان من المسك " [ ص: 34 ] قال : فيخرج غلمان الأنبياء بمنابر من نور ، ويخرج غلمان المؤمنين بكراسي من ياقوت ، قال : فإذا وضعت لهم وأخذ القوم مجالسهم بعث الله عليهم ريحا تدعى المثيرة تثير عليهم أثاثير المسك الأبيض ، تدخله تحت ثيابهم ، وتخرجه في وجوههم وأشعارهم ، فتلك الريح أعلم كيف تصنع بذلك المسك من امرأة أحدكم لو دفع إليها كل طيب على وجه الأرض لكانت تلك الريح أعلم كيف تصنع بذلك المسك من تلك المرأة لو دفع إليها ذلك الطيب بإذن الله ، قال : ثم يوحي الله تعالى إلى حملة العرش ، فيوضع بين ظهراني الجنة ، وما فيها أسفل منه وبينه وبينهم الحجب ، فيكون أول ما يسمعون منه أن يقول : أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني ، فصدقوا رسلي ، واتبعوا أمري يسألوني فهذا يوم المزيد ؟ قال : فيجمعون على كلمة واحدة : رب رضينا عنك فارض عنا [ ص: 35 ] قال : فيرجع الله تعالى في قولهم : أن يا أهل الجنة إني لو لم أرض عنكم لما أسكنتكم جنتي ، فسلوني فهذا يوم المزيد قال : فيجمعون على كلمة : رضينا عنك فارض عنا ، قال : فيرجع الله في قولهم : أن يا أهل الجنة لو لم أرض عنكم ما أسكنتكم جنتي ، فهذا يوم المزيد فسلوني ، قال : فيجتمعون على كلمة واحدة : رب وجهك رب وجهك أرنا ننظر إليك ، قال : فيكشف الله تعالى تلك الحجب ، قال : ويتجلى لهم فيغشاهم من نوره شيء لولا أنه قضى عليهم أن لا يحترقوا لاحترقوا مما غشيهم من نوره " قال : " ثم يقال : ارجعوا إلى منازلكم " قال : " فيرجعون إلى منازلهم ، وقد خفوا على أزواجهم ، وخفين عليهم مما غشيهم من نوره ، فإذا صاروا إلى منازلهم يزاد النور وأمكن ، ويزاد وأمكن حتى يرجعوا إلى صورهم التي كانوا عليها " قال : " فيقول لهم أزواجهم : لقد خرجتم من عندنا على صورة ، ورجعتم على غيرها " قال : " فيقولون : ذلك بأن الله تجلى لنا ، فنظرنا منه إلى ما خفينا به عليكم " قال : " فلهم كل سبعة أيام الضعف على ما كانوا فيه " [ ص: 36 ] قال : " وذلك قول الله عز وجل في كتابه : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية