الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7800 ) فصل : قال أحمد : أكره لحوم الجلالة وألبانها . قال القاضي ، في " المجرد " : هي التي تأكل القذر ، فإذا كان أكثر علفها النجاسة ، حرم لحمها ولبنها . وفي بيضها روايتان . وإن كان أكثر علفها الطاهر ، لم يحرم أكلها ولا لبنها .

                                                                                                                                            وتحديد الجلالة بكون أكثر علفها النجاسة ، لم نسمعه عن أحمد ، ولا هو ظاهر كلامه ، لكن يمكن تحديده بما يكون كثيرا في مأكولها ، ويعفى عن اليسير . وقال الليث : إنما كانوا يكرهون الجلالة التي لا طعام لها إلا الرجيع وما أشبهه . وقال ابن أبي موسى : في الجلالة روايتان ; إحداهما ، أنها محرمة . والثانية ، أنها مكروهة غير محرمة . وهذا قول الشافعي . وكره أبو حنيفة لحومها ، والعمل عليها حتى تحبس .

                                                                                                                                            ورخص الحسن في لحومها وألبانها ; لأن الحيوانات لا تنجس بأكل النجاسات ، بدليل أن شارب الخمر لا يحكم بتنجيس أعضائه ، والكافر الذي يأكل الخنزير والمحرمات ، لا يكون ظاهره نجسا ، ولو نجس لما طهر بالإسلام ، ولا الاغتسال ، ولو نجست الجلالة ، لما طهرت بالحبس .

                                                                                                                                            ولنا ، ما روى ابن عمر ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها . } رواه أبو داود . وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإبل الجلالة ، أن يؤكل لحمها ، ولا يحمل عليها إلا الأدم ، ولا يركبها الناس حتى تعلف أربعين ليلة . } رواه الخلال بإسناده .

                                                                                                                                            ولأن لحمها يتولد ، من النجاسة ، فيكون نجسا ، كرماد النجاسة . وأما شارب الخمر ، فليس ذلك أكثر غذائه ، وإنما يتغذى الطاهرات ، وكذلك الكافر في الغالب .

                                                                                                                                            ( 7801 ) فصل : وتزول الكراهة بحبسها اتفاقا . واختلف في قدره ، فروي عن أحمد ; أنها تحبس ثلاثا ، سواء كانت طائرا أو بهيمة . وكان ابن عمر إذا أراد أكلها حبسها ثلاثا .

                                                                                                                                            وهذا قول أبي ثور ، لأن ما طهر حيوانا طهر الآخر ، كالذي نجس ظاهره . والأخرى ، تحبس الدجاجة ثلاثا ، والبعير والبقرة ونحوهما يحبس أربعين . وهذا قول عطاء ، في [ ص: 330 ] الناقة والبقرة ; لحديث عبد الله بن عمرو ، لأنهما أعظم جسما ، وبقاء علفهما فيهما أكثر من بقائه في الدجاجة والحيوان الصغير . والله أعلم .

                                                                                                                                            ( 7802 ) فصل : ويكره ركوب الجلالة . وهو قول عمر ، وابنه ، وأصحاب الرأي ; لحديث { عبد الله بن عمرو ، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوبها } . ولأنها ربما عرقت ، فتلوث بعرقها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية