الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حائرة بين رغبتي في إتمام الدكتوراه، وبين عملي كمعلمة قرآن!

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، بدأت في مجال التعليم القرآني للصغار منذ سنتين، أدائي كمعلمة مع تلاميذي -والفضل لله- طيب، أسعى دائمًا لتطويره والاستزادة من كل ما يجعلني معلمة أكفأ.

كنت قد أكملت شهادة الماستر في تخصصي العلمي منذ سنتين، وطوال هاتين السنتين لم تفارقني فكرة إتمام شهادة الدكتوراه، من ناحية كطموح، ومن ناحية أخرى من أجل الاستقرار في وظيفة من نوع محدد، إن كتب الله لي ذلك، خاصة وأن عملي كمعلمة قرآن رغم ما أعلمه، وما أستشعره فيه من فضل -ولله الحمد-، لا يبلغني المستوى المادي الذي يرضيني في كثير من الأحيان.

فهل أسعى لإتمام شهادة الدكتوراه، وأترك عملي كمعلمة قرآن في هذه المرحلة، أم أن هناك ما سآثم عليه، أو أخسره إن أنا فعلت هذا؟

جزاكم الله عني كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

فهنيئًا لك همتك العالية في طلب العلم والارتقاء بنفسك، وهنيئًا لك تعليم القرآن، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).

اعلمي -أختي الفاضلة-: أن الأساس عند التردد بين مسارين في العلم والتعليم أو غيره، هو الاحتياج للموازنة، وفهم الأولويات، وتحقيق مبدأ المرونة بين المهم والأهم، والضيق والمتسع، والعاجل والمتأخر وهكذا، وبتحقيق هذه الموازنة نستطيع أن نقرر الأنسب بالنسبة لكل شخص حسب واقعه.

فالسعي في الارتقاء الوظيفي، والاستغناء المادي أمر لا يتصادم مع الشرع أو يعارضه، ما دام العمل في مجال مشروع ومباح، ولعل ما يجعلك في تردد هو ترك مجال تعليم القرآن لما فيه من فضل وتربية، والدخول في مجال ربما يكون بقصد مادي مختلف تمامًا، وهذا التردد صحيح ووارد أن يحصل لدى الكثير، وحتى يذهب عنك هذا التردد وتحسمين الأمر تدريجياً في القرار بين عدة خيارات.

الأول: أن يحدث الجمع بينهما، فإن كانت لديك القدرة على أن تجمعي بين تعليم القرآن، ودراسة الدكتوراه فهذا الأفضل.

الثاني: إن وجدت أن دراسة الدكتوراه ستأخذ منك جل وقتك، وتجعلك تقصرين في التميز في تعليم القرآن، فهنا ترجعين إلى مبدأ الموازنة الذي ذكرنا، وتطرحين على نفسك مجموعة من الأسئلة بقصد تنويع الخيارات، مثال ذلك: هل يمكن تأخير الدراسة؟ هل هذه الفرصة يمكن أن تذهب؟ هل تعليم القرآن من الناحية المادية سيحقق لي طموحاتي العلمية؟ لو توقفت عن الدراسة ماذا سيحصل؟ لو توقفت عن تدريس القرآن ماذا سيحصل؟... إلخ.

هذه الأسئلة تفكك الخيارات المتاحة بشكل أفضل، وتجعلك قادرة على اتخاذ القرار بشكل أوضح، وذلك بعد أن تقارني بين الإيجابيات والسلبيات الناتجة عن كل سؤال.

أختي الفاضلة: تعليم القرآن وقته متسع، ويمكن العودة إليه في أي وقت، وهو في الأصل فرض كفاية، فليس عليك إثم بتأخيره، وهذا هو الأصل، ما لم يكن وضعك مختلفًا عن فرض الكفاية، بينما دراسة الدكتوراه مؤقتة بسنوات تنقضي وتنتهي، وربما تذهب الفرصة لأسباب كثيرة، أو قد تنشغلين عنها لأي أسباب شخصية أو مادية.

لذلك ننصحك -أختي الفاضلة-: أن تستعيني بالله تعالى، وتتخذي قرارك وفق المعطيات التي وضحناها لك، والذي أميل إليه -من ظاهر سؤالك- أن تبادري إلى دراسة الدكتوراه، وتُنهي هذا المسار من حياتك العملية، فربما يتسبب ذلك في مزيد استقرار مادي ونفسي، مما يؤدي إلى دافع أكبر لتعليم القرآن، أو الجميع بينهما، أو خدمة المجتمع في مجالات مختلفة أكثر اتساعًا.

أختي الفاضلة: إيماننا العميق أن المؤمن كالغيث أينما وقع نفع، فتميزك في تعليم القرآن سيجعلك متميزة في التربية عمومًا، فربما ينفع الله بك في مكان أكثر احتياجًا للصالحات المربيات.

أخيرًا: لا تنسي الاستخارة، والدعاء أن يختار الله لك الخير ويوفقك إليه.

أسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً