الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              رأي العلماء في الاختلاف

              ومع ما تقدم فإن العلماء قد حذروا من الاختلاف بكل أنواعه، وأكدوا على وجوب اجتنابه.

              يقول ابن مسعود رضي الله عنه : (الخلاف شر) [1] ، وقال السبكي رحمه الله: ( ... إن الرحمة تقتضي عدم الاختلاف، ) قال تعالى: ( ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ... ) [البقرة: 253]، وكذا السنة: قال عليه الصلاة والسلام : ( إنما هـلكت بنو إسرائيل بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ) [2] ، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة، هـذا وقد أدرج السبكي رحمه الله تحت النوع الثالث من الاختلاف (الذي يتردد بين المدح والذم ) أقساما ثلاثة، فقال: ) ... والاختلاف على ثلاثة أقسام، أحدهما في الأصول، وهو المشار إليه في القرآن، ولا شك أنه بدعة وضلال. والثاني في الآراء والحروب هـو حرام أيضا لما فيه من تضييع المصالح، والثالث في الفروع، كالاختلاف في الحل والحرمة ونحوهما) [3] . [ ص: 32 ] والذي قطع به أن الاتفاق فيه - أي: في الثالث خير من الاختلاف.

              كما نبه رحمه الله إلى كلام ابن حزم في ذم الاختلاف في ذلك أيضا، إذ لم يجعل ابن حزم رحمه الله شيئا من الاختلاف رحمة، بل اعتبره - كله - عذابا.

              ويكفي لمعرفة أضرار الاختلاف وخطورته أن نبي الله هـارون عليه السلام عد الاختلاف أكبر خطرا، وأشد ضررا من عبادة الأوثان. فحين صنع السامري لقومه عجلا من الذهب وقال لهم: ( هذا إلهكم وإله موسى ) [طه: 88] التزم جانب الصمت وبقي ينتظر أخاه موسى عليه السلام ، ولما وصل موسى ورأى القوم عاكفين على العجل وجه أشد اللوم إلى أخيه، فما كان عذر أخيه إلا أن قال: ( يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ... ) [طه: 94] فجعل من خوف الفرقة والاختلاف بين قومه عذرا له في عدم التشديد في الإنكار، ومقاومة القوم والانفصال عنهم حين لا ينفع الإنكار!! [ ص: 33 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية