الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الحاكمية في الفكر الإسلامي

الدكتور / حسن لحساسنة

الخاتمة

سعت هـذه الدراسة إلى بحث مفهوم الحاكمية ، الذي يعتبر مفهوما دقيقا ناظما لشبكة كثير من المفاهيم في المنظومة العقدية والسياسية خاصة، فضلا عن غيرهما، وقد خلصت هـذه الدراسة إلى جملة من النتائج هـذه أهمها:

- يعتبر مفهوم الحاكمية من المفاهيم المتداولة في الفكر الإسلامي المعاصر.

- هـذا المفهوم له دلالات مختلفة ومعاني متعددة، كما يحمل معاني شرعية دلت عليها النصوص من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وهذا يدل على غزارة مادته؛ وقد تداول العلماء مشتقاته على تعددها في عباراتهم، على اختلاف تخصصاتهم وتباين اهتماماتهم.

- الحاكمية بوصفه مصدرا صناعيا لم يرد في النصوص الشرعية وإنما ابتدعه المودودي ، وإن كانت النصوص التي ارتكز عليها في التنظير ترجع إلى القرآن والسنة.

- هـناك عدة اتجاهات فكرية تعاملت مع هـذا المفهوم بآليات مختلفة وأساليب متباينة، وخلصت إلى نتائج في الفكر والعمل.

- ينبغي مراعاة فك الارتباط بين مصطلح الحاكمية ومبدأ الألوهية عند دراسة هـذا المفهوم وبحثه بوصفه مصطلحا شرعيا مجردا عن الإضافة والنسبة. [ ص: 194 ] - الحصر التلازمي بين مصطلح الحاكمية ومبدأ الألوهية لا يكون إلا في الأمور المتعلقة بقضايا الألوهية.

- ينبغي الإقرار بهيولة المصطلح وقابليته لكل صورة، ويبقى تحديد معناه رهين السياقات التي يقتضيها المقام.

- تنقسم الحاكمية عموما إلى حاكمية الله تعالى ( الحاكمية الإلهية ) ، وحاكمية الوحي ( الحاكمية الشرعية ) ، وحاكمية الإنسان وهو خليفة الله في أرضه ( الحاكمية العقلية ) ، ولكل قسم دائرة ومجال اختصاص.

- تنقسم الحاكمية الإلهية إلى الحاكمية التكوينية ، التي لها تعلق بالخلق والإبداع، والحاكمية التشريعية التي تتعلق بالتشريع، وهذه الأخيرة تعكس الحاكمية من الوجهة العملية وهي حاكمية الوحي (الشريعة) ، ولكل منهما خصائص تميزت بها.

- هـناك علاقة بين الحاكمية الإلهية والعقل، حيث يعمل الثاني على النظر في الكون المنظور لإدراك حقائق الحاكمية التكوينية، وينظر في الوحي المقروء لكشف معاني الحاكمية التشريعية قصد تنزيلها في الواقع.

- وظف الخوارج النصوص الشرعية، التي ارتكز عليها مفهوم الحاكمية في الفكر الإسلامي، لتحقيق أغراضهم، إلا أن توظيفهم للنص الديني كانت له ملابسات وأغراض، تعرض لها الباحث في خلال هـذه الدراسة. [ ص: 195 ] - ساهمت المعتزلة في تطوير مفهوم الحاكمية ، ولكن أعطت له بعدا عقليا، حيث اشتهرت المعتزلة بإعطاء العقل مساحة أوسع، ودائرة أكبر في الفهم والاجتهاد.

- تعرض البحث إلى تاريخ ظهور مفهوم الحاكمية في الفكر الإسلامي الحديث، كما تعرض إلى فكرة الحاكمية عند المودودي ، والذي طرحها في سياق التأسيس لدولة باكستان الإسلامية، وفي إطار صياغة النظرية السياسية الإسلامية كبديل للنظرية السياسية الغربية، وتحدياتها في ذلك العصر، ثم تناول البحث سيد قطب الذي طور مفهوم الحاكمية وربطها بالمفهوم التوحيدي، في إطار مواجهة الجاهلية المعاصرة التي دعمتها الدولة الوطنية.

- انتهت هـذه الدراسة إلى أن مفهوم الحاكمية مفهوم دقيق وحساس خاصة عند بحث أبعاده السياسية وتطبيقاتها، وأن الخطأ في فهم هـذا المصطلح قد يؤدي إلى توظيفه توظيفا سيئا، له آثاره الخطيرة على المجتمع والفكر الديني عموما.

وفي الأخير نقول: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. [ ص: 196 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية