الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 251 ] فذبحوها وما كادوا يفعلون قال محمد بن كعب : لغلاء ثمنها.

                                                                                                                                                                                                                                      وهب: خوفا من فضيحة القاتل.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : مكثوا في طلبها أربعين سنة.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذ قتلتم نفسا : هو مؤخر معناه التقديم قبل ذكر البقرة، وقيل: هو متعلق بما بعده; كأنه قال: [فذبحوها وما كادوا يفعلون، ولأنكم قتلتم نفسا فادارأتم فيها أمرناكم بضربه ببعض البقرة; لينكشف لكم الأمر].

                                                                                                                                                                                                                                      فادارأتم فيها أي: تدارأتم، يعني: تدافعتم، فألقى بعضكم على بعض، [والضمير في فادارأتم فيها للنفس أو القتلة.

                                                                                                                                                                                                                                      والإشارة في كذلك يحيي الله الموتى إلى قيام القتيل]، وقد تقدم ذكره.

                                                                                                                                                                                                                                      فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى هذا تنبيه لمنكري البعث، وقيل: هو حكاية لقول موسى لبني إسرائيل .

                                                                                                                                                                                                                                      واستدل مالك وغيره بهذا على القسامة; لأن القتيل -فيما جاء في [ ص: 252 ] الخبر لما ضرب ببعض البقرة فحيي; قال: فلان قتلني، فأخذ بقوله.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم قست قلوبكم من بعد ذلك أي: غلظت وصلبت من بعد الآيات التي رأيتم.

                                                                                                                                                                                                                                      فهي كالحجارة يعني: في صلابتها.

                                                                                                                                                                                                                                      أو أشد قسوة قيل: {أو} للتخيير; أي: شبهوها بالحجارة، أو بما هو أشد قسوة منها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: {أو} بمعنى: (بل) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هي بمعنى الواو.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو مردود إلى شك العباد; أي: لو رأيتموهم; لقلتم ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      [وقيل: إن {أو} للتمييز والتفضيل، والمعنى: أن قلوب بعضهم كالحجارة، وبعضها أشد قسوة من الحجارة; أي: هي في نهاية البعد، فهو كقوله: وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا أي: قالت اليهود منهم: كونوا هودا، [ ص: 253 ] وقالت النصارى منهم: كونوا نصارى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: أن قلوبهم في وقت كالحجارة; أي: كادت تلين كما تلين الحجارة التي ينتفع بها، وفي وقت آخر أشد قسوة من الحجارة; أي: هي في نهاية البعد من الخير والنفور عنه].

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إنهما صنفان، أخبر الله تعالى أن منهم من قلبه في القساوة كشدة الحجر، وأن منهم من قلبه أشد قساوة من الحجر.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار (النهر) : المجرى الواسع من مجاري الماء.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن منها لما يشقق يعني: العيون.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن منها لما يهبط من خشية الله قيل: يعني: الجبل الذي كلم الله عليه موسى، وشبهه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن معنى (الهبوط) : ما يرى فيه من أثر الصنعة.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد، وغيره: كل حجر تردى من رأس جبل; فهو من خشية الله.

                                                                                                                                                                                                                                      أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 254 ] الألف: ألف استفهام، ومعناها الإنكار; أيئس الله تعالى المؤمنين من إيمان هذه الفرقة من اليهود بالنبي عليه الصلاة والسلام على ما يعرفه المخلوقون بالآيات; فكأنه قال: قووا ظنكم في ذلك، بدليل ما فعله آباؤهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن المراد بذلك: السبعون الذين سمعوا كلام الله فحرفوه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو ما حرفوه وغيروه من التوراة من صفة النبي (صلى الله عليه وسلم) .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية