الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
وذلك يظهر بالوجه الثامن عشر، وهو أنه قد عرف أن الغير هنا لا يعني الغير المنفصل عنه بل ما تغاير في العلم، وأن الافتقار المراد به التلازم. فيكون المعنى أن الموصوف [ ص: 649 ] مستلزم الصفة، ومعنى افتقاره إليها أنه لا يكون له حقيقة أو لا يكون على ما هو عليه إلا بها، وأنه يلزم من عدمها عدمه لكن تلك الصفة أيضا يلزم من عدم الموصوف عدمها، ولا حقيقة لها ولا وجود إلا بالموصوف، وكونها مستلزم الموصوف، وهو افتقارها إلى الموصوف أبلغ من كون الموصوف مستلزما لها، وإذا كان كذلك كان الموصوف واجبا للوجود ولم يكن يفتقر إلى شيء منفصل عنه ولكن معنى حاجته استلزامه للصفة التي هي مستلزمة له، وهذا حق وهو غير مناف لوجوب الوجود بل لا يكون وجود واجب ولا غير واجب إلا كذلك .

الوجه التاسع عشر: أنه لو فرض أن ذاته مستلزمة لشيء منفصل عنه من حيز أو غيره؛ لكان بحيث يلزم من عدم ذلك اللازم لذاته المنفصل عنه عدم الملزوم الذي هو ذاته، ثم لم يقل أحد من الخلائق بأن رب العالمين مفتقر لأجل ذلك إلى ما يكون منفصلا عنه، ولا على قول القائل بالتعليل والتوليد الذين منهم خرج التكلم بواجب الوجود؛ فإنهم يقولون إنه علة تامة مستلزم [ ص: 650 ] لوجود معلوله الذي هو العالم الذي تولد عنه، ومع هذا فهو واجب الوجود ليس بممكن الوجود ولا يفتقر إلى غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية