الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 153 ] قال: وقد أخطأ المعارض محجة السبيل وغلط غلطا كثيرا في التأويل لما أن هذه الفرق لم يكفرهم العلماء بشيء من اختلافهم والمريسي وجهم وأصحابهما لم يشك أحد منهم في إكفارهم، سمعت محبوب بن موسى الأنطاكي أنه سمع [ ص: 154 ] وكيعا يكفر الجهمية.

وكتب إلى علي بن خشرم أن ابن المبارك يخرج الجهمية من عداد المسلمين [ ص: 155 ] وسمعت يحيى بن يحيى وأبا توبة وعلي بن المديني [ ص: 156 ] يكفرون الجهمية ومن يدعي أن القرآن مخلوق.

فلا يقيس الكفر ببعض اختلاف هذه الفرق إلا امرؤ جهل العلم ولم يوفق فيه لفهم.

فادعى المعارض أن الناس قد تكلموا في الإيمان وفي التشيع والقدر ونحوه، ولا يجوز لأحد أن يتأول في التوحيد غير الصواب؛ إذ جميع خلق الله تدرك بالحواس الخمس: اللمس والشم والذوق والبصر بالعين والسمع، والله بزعم المعارض يدرك بشيء من هذه الخمس.

قال: قلنا لهذا المعارض الذي لا يدري كيف تناقض: أما قولك لا يجوز لأحد أن يتأول في التوحيد غير [ ص: 157 ] الصواب؛ فقد صدقت، وتفسير التوحيد عند الأمة وصوابه قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جاء بها مخلصا دخل الجنة [ ص: 158 ] وأمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، من قالها فقد وحد الله.

وكذلك روى جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أهل بالتوحيد في حجته؛ فقال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. حدثنا [ ص: 159 ] أبو بكر بن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد [ ص: 160 ] عن أبيه عن جابر: فهذا تأويل التوحيد وصوابه عند الأمة.

فمن أدخل الحواس الخمس أيها المعارض في صواب التأويل من أمة محمد ومن غيرها فأشر إليه غير ما ادعيتم فيه من الكذب على ابن عباس من رواية بشر المريسي ونظرائه.

التالي السابق


الخدمات العلمية