الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن الأحداث أن آدم أخذ في البكاء إلى أن نزلت عليه التوبة :

قال ابن عباس : بكى آدم وحواء على ما فاتهما من نعم الجنة مائتي سنة ، لم يأكلا ولم يشربا أربعين يوما ، ولم يقرب آدم حواء مائة سنة . [ ص: 213 ]

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك ، أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار ، أخبرنا علي بن أحمد الملطي ، أخبرنا أحمد بن محمد بن دوست ، حدثنا ابن صفوان ، حدثنا أبو بكر القرشي ، قال: حدثني محمد بن الحسين ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا هشام ، عن الحسن ، قال: أهبط آدم [من] الجنة فبكى ثلاثمائة سنة لا يرفع رأسه إلى السماء ولا يلتفت إلى المرأة ولا يضع يده عليها .

قال القرشي: وحدثنا محمد بن يحيى بن أبي حاتم ، قال: حدثني سعد بن يونس ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن أبي الهذيل ، عن وهب بن منبه ، قال: أوحى الله إلى آدم : يا آدم ما هذه الكآبة التي بوجهك والبلية التي قد أحاطت بك؟ قال: خروجي من دار البقاء إلى دار الفناء ، من دار النعم إلى دار الشقاء . قال: ثم إن آدم سجد سجدة على جبل الهند مائة عام يبكي حتى جرت دموعه في وادي سرنديب ، فأنبت الله لذلك الوادي من دموع آدم الدار صيني والقرنفل ، وجعل طير ذلك الوادي الطواويس ، ثم إن جبريل أتاه فقال: يا آدم ارفع رأسك فقد غفر لك ، فرفع رأسه ثم أتى البيت فطاف أسبوعا فما أتمه حتى خاض في دموعه إلى ركبتيه ثم أتى موضع المقام وصلى فيه ركعتين ، وبكى حتى جرت دموعه على الأرض .

قلت: وكان السبب في قبول توبة آدم أنه تلقى كلمات فقالها فتيب عليه ، وذلك قوله تعالى: فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه .

واختلف المفسرون في تلك الكلمات على وجوه قد ذكرناها في التفسير ، والذي نختاره من الأقوال .

ما أخبرنا به محمد بن عبد الله بن حنيف ، أخبرنا علي بن الفضل ، أخبرنا محمد بن عبد الصمد ، أخبرنا عبد الله بن أحمد . حدثنا إبراهيم بن خريم ، حدثنا عبد الحميد بن حميد ، حدثنا أبو غسان ، حدثنا مالك بن إسماعيل النهدي ، عن [ ص: 214 ] زهير بن معاوية الجشمي ، عن خصيف ، عن مجاهد : فتلقى آدم من ربه كلمات . قال: هو قوله: ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا . . . إلى آخر الآية .

قال قتادة : تاب الله على آدم يوم عاشوراء .

التالي السابق


الخدمات العلمية