الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن رجل من المهاجرين لم ير به بأسا أنه سأل عبد الله بن عمرو بن العاص أأصلي في عطن الإبل فقال عبد الله لا ولكن صل في مراح الغنم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          410 410 - ( مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن رجل من المهاجرين لم ير به بأسا أنه سأل عبد الله بن عمرو بن العاصي ) الصحابي ابن الصحابي ( أأصلي في عطن الإبل ؟ ) بروكها ثم الماء خاصة ولها شربتان فعطنها بروكها بينهما ، وقيل : ماؤها مطلقا ( فقال عبد الله : لا ) تصل فيها ( ولكن صل في مراح الغنم ) بضم الميم ؛ مجتمعها آخر النهار ، موضع مبيتها .

                                                                                                          قال ابن عبد البر : مثل هذا من الفرق بينهما لا يدرك بالرأي .

                                                                                                          وروى هذا الحديث يونس بن بكير ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا : " صلوا في مراح الغنم ولا تصلوا في معاطن الإبل " ، ويونس لا يحتج به ، عن هشام فيما خالفه فيه مالك إذ لا يقاس به وليس بالحافظ ، والصحيح في إسناد هشام رواية مالك ، نعم جاء من حديث أبي هريرة والبراء وجابر بن سمرة وعبد الله بن مغفل ، وكلها بأسانيد حسان ، وأكثرها تواترا وأحسنها حديث البراء وحديث عبد الله بن مغفل رواه خمسة عشر رجلا عن الحسن ، وسماعه من ابن مغفل صحيح ، وفيه دليل على أن ما يخرج من مخرجي الحيوان المأكول لحمه ليس بنجس ، وأصح ما قيل في الفرق أن الإبل لا تكاد تهدأ ولا تقر في العطن بل تثور فربما قطعت على المصلي صلاته .

                                                                                                          وفي الحديث بأنها خلقت من جن فبين علة ذلك ، والقول بأنه كان يستتر بها عند الخلاء لا يعرف في الأحاديث المسندة بل فيها غيره .

                                                                                                          روى أبو داود عن البراء سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في مبارك الإبل فقال : " لا تصلوا في مبارك الإبل فإنها من الشياطين " وسئل عن الصلاة في مراح الغنم فقال : " صلوا فيها فإنها بركة " وللنسائي وغيره ، عن عبد الله بن مغفل مرفوعا : " صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل فإنها خلقت من الشياطين " وفي بعض الآثار : " فإنها خلقت من جن " انتهى .

                                                                                                          وحديث جابر بن سمرة في مسلم وأبي هريرة في الترمذي ، وجاء أيضا من حديث سبرة بن معبد ، عن ابن ماجه وفيها كلها التعبير بمعاطن الإبل ، قال في الفتح : وفرق بعضهم بين الواحد منها فيجوز وبين كونها مجتمعة لما طبعت عليه من النفار المفضي إلى تشويش قلب المصلي [ ص: 584 ] بخلاف الصلاة على المركوب منها ، لما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي النافلة وهو على بعيره أو إلى جهة واحدة وهو معقول .




                                                                                                          الخدمات العلمية