الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 145 ] الخامس‏ : اختلف أهل العلم في صحة سماع من ينسخ وقت القراءة ، فورد عن ‏الإمام إبراهيم الحربي‏ ، و‏أبي أحمد بن عدي الحافظ‏ ، والأستاذ أبي إسحاق الإسفرائيني الفقيه الأصولي ، وغيرهم نفي ذلك‏ . ‏

وروينا عن أبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي‏ ، أحد أئمة الشافعيين بخراسان‏ أنه سئل عمن يكتب في السماع ؟ فقال‏ : يقول : " ‏حضرت‏ " ، ولا يقل : " ‏حدثنا ، ولا أخبرنا " ‏‏ . ‏

وورد عن ‏موسى بن هارون الحمال‏ تجويز ذلك‏ . ‏ وعن أبي حاتم الرازي‏ قال‏ : " كتبت عند عارم وهو يقرأ ، وكتبت عند عمرو بن مرزوق ، وهو يقرأ‏ " . ‏ وعن عبد الله بن المبارك‏ : أنه قرئ عليه ، وهو ينسخ شيئا آخر غير ما يقرأ‏ . ‏

ولا فرق بين النسخ من السامع ، والنسخ من المسمع‏ . ‏

قلت‏ : وخير من هذا الإطلاق التفصيل‏ . ‏ فنقول‏ : لا يصح السماع إذا كان النسخ بحيث يمتنع معه فهم الناسخ لما يقرأ ، حتى يكون الواصل إلى سمعه كأنه صوت غفل‏ . ‏

ويصح إذا كان بحيث لا يمتنع معه الفهم‏ . ‏

كمثل ما رويناه عن ‏الحافظ العالم أبي الحسن الدارقطني ) ‏‏ : أنه حضر [ ص: 146 ] في حداثته مجلس إسماعيل الصفار ، فجلس ينسخ جزءا كان معه ، وإسماعيل يملي ، فقال له بعض الحاضرين‏ : لا يصح سماعك ، وأنت تنسخ‏ ، فقال‏ : فهمي للإملاء خلاف فهمك‏ ، ثم قال‏ : تحفظ كم أملى الشيخ من حديث إلى الآن ؟ فقال‏ : لا ، فقال الدارقطني : أملى ثمانية عشر حديثا ، فعدت الأحاديث فوجدت كما قال‏ . ‏ ثم قال أبو الحسن : الحديث الأول منها عن فلان ، عن فلان ، ومتنه كذا‏ . ‏ والحديث الثاني ، عن فلان ، عن فلان ، ومتنه كذا‏ ، ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث ، ومتونها على ترتيبها في الإملاء حتى أتى على آخرها ، فتعجب الناس منه ، والله أعلم‏‏‏‏ . ‏

التالي السابق


الخدمات العلمية