الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فإن كان له جدول يجري فيه الماء إلى أرضه ، وبجنب ذلك الموضع صاحب ماشية إذا شربت الماشية منها انقطع الماء لكثرة المواشي ، وقلة ماء الجدول فقد اختلف المتأخرون رحمهم الله في هذا الفصل منهم من يقول : هذا من الشقة ، وليس لصاحب الجدول أن يمنع ذلك ، وأكثرهم على أن له أن يمنع في مثل هذه الصورة ; لأن الشقة ما لا يضر بصاحب النهر والبئر فأما ما يضر به ، ويقطع حقه فله أن يمنع ذلك اعتبارا بسقي الأراضي ، والنخيل والشجر ، والزرع فله أن يمنع من يريد سقي نخله وشجره ، وزرعه من نهره أو قناته أو بئره [ ص: 170 ] أو عينه .

وليس لأحد أن يفعل ذلك إلا بإذنه إما لأنه يريد أن يسوي نفسه بصاحب الحق فيما هو المقصود فالنهر والقناة إنما يشق لهذا المقصود ، وليس لغير المستحق أن يسوي نفسه بالمستحق فيما هو المقصود بخلاف الشقة ، فذلك بيع غير مقصود ; لأن النهر ، والقناة لا يشق في العادة لأجله أو لأنه يحتاج إلى أن يحفر نهرا من هذا النهر إلى أرضه فيكسر به ضفة النهر ، وليس له أن يكسر ضفة نهر الغير ، وكذلك في البئر يحتاج إلى أن يشق نهرا من رأس البئر إلى أرضه ، وما حول البئر حق صاحب البئر حريما له فليس لغيره أن يحدث فيه شيئا من ذلك بغير إذنه ، وكذلك إن كان يريد أن يجري ماؤه في هذا النهر مع صاحب النهر ليسقي به أرضه ; لأن النهر ملك خاص لأهل النهر فلا يجوز له أن ينتفع بملك الغير إلا بإذنه فإن كان قد اتخذ شجره أو خضرة في داره فأراد أن يسقي ذلك الموضع بحمل الماء إليه بالجرة فقد استقضى فيه بعض المتأخرين من أئمة بلخي رحمهم الله ، وقالوا ليس له ذلك إلا بإذن صاحب النهر ، والأصح أنه لا يمنع من هذا المقدار ; لأن الناس يتوسعون فيه ، والمنع منه يعد من الدناءة قال عليه الصلاة والسلام { أن الله يحب معالي الأمور ، ويبغض سفسافها } فإن أذن له صاحب النهر في سقي أرضه أو عادة ذلك الموضع فلا بأس بذلك ; لأن المنع كان لمراعاة حقه فإذا رضي به فقد زال المانع .

التالي السابق


الخدمات العلمية