الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا باع الرجل شربا بأمة ، وقبضها فوطئها فولدت منه فهي أم ولد له ; لأنه ملكها بالقبض بحكم عقد فاسد ، وهو ضامن لقيمتها ، ولم يذكر العقر هنا ، وقد بينا أن هذا هو الأصح خصوصا فيما إذا تعذر ردها بأن صارت أم ولد له ، ولو وطئها رجل بشبهة ، وأخذ بائع الشرب المهر أو قطع رجل يدها [ ص: 195 ] أو فقأ - عينها فأخذ المشتري أرش ذلك ثم ماتت الجارية عنده ضمن قيمتها ، والأرش والمهر له ; لأنه إنما يضمن قيمتها من ، وقت القبض فيتقرر ملكه فيها من ذلك الوقت فكان الأرش ، والعقر حاصلا بعد ملكه فيكون له .

وهذا بخلاف الولد فإنها لو ، ولدت ثم ماتت فالمشتري ضامن لقيمتها ، وعليه رد الولد مع رد القيمة ; لأن الولد ليس بعوض عن جزء مضمون منها ، وإنما يتقرر له الملك بالضمان فيتقرر الملك في المضمون أو فيما هو عوض عن المضمون أو فيما هو تبع للمضمون ; لأن التبع يملك بملك الأصل ، والولد بعد الانفصال ليس بمضمون ، ولا هو عوض عن المضمون ، ولا هو تبع للمضمون فلا يسقط عنه وجوب رد الولد بتقرر الضمان عليه في الأم فأما الأرش فبدل جزء مضمون ، وقد سلم بدل هذا الجزء لمشتري الشرب حين ضمنه قيمتها صحيحة فلا يجوز أن يسلم له بدل آخر إذ لا يسلم للمرء بدلان عن شيء واحد ، وكذلك المهر فإنه عوض عن المستوفي بالوطء ، والمستوفي بالوطء في حكم جزء من العين ، وقد ضمن قيمة جميع العين فيسلم له ما كان بدل جزء من العين فإن قيل : المستوفي بالوطء في حكم جزء ، ولكنه جزء غير مضمون ( ألا ترى ) أنه إذا لم يتمكن بالوطء نقصان فيها ، وتعذر استيفاء العقر من الواطئ ردها المشتري ، ولم يضمن شيئا قلنا نعم المستوفي بالوطء جزء غير مضمون حقيقة ، ولكنه في حكم جزء من العين الذي هو مضمون ، ولهذا قلنا إن وطء المشتري يمنع الرد بالعيب أو بمنزلة جزء هو ثمره كالكسب فالكسب تبع للمضمون في حكم الملك فكذلك العقر المستوفي من الواطئ فإن قيل : فالولد أيضا خلف عن جزء هو مضمون ، وهو النقصان المتمكن بالولادة ، ولهذا ينجبر به قلنا الخلافة بحكم اتحاد السبب لا ; لأنه عوض عن ذلك الجزء ، وإنما يمتنع رد العوض لوصول مثله إلى بائع الجارية ، وذلك غير موجود في الولد .

ولو كانت حية فأخذ البائع الجارية تبعها الأرش ، والمهر ; لأنه لم يتقرر ملك المشتري فيها بل انعدم من الأصل بردها ; ولأنه كان يلزمه رد هذا الجزء حال قيامه فكذلك يلزمه رد بدله مع رد الأصل ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية