الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون

                                                                                                                                                                                                                                      . 14 - قل للذين آمنوا يغفروا ؛ أي: "قل لهم: اغفروا؛ يغفروا"؛ فحذف المقول؛ لأن الجواب يدل عليه؛ ومعنى "يغفروا": يعفوا؛ ويصفحوا؛ وقيل: إنه مجزوم بلام مضمرة؛ تقديره: ليغفروا؛ فهو أمر مستأنف؛ وجاز حذف اللام للدلالة على الأمر؛ للذين لا يرجون أيام الله ؛ لا يتوقعون وقائع الله بأعدائه؛ من قولهم لوقائع العرب: "أيام العرب"؛ وقيل: لا يؤملون الأوقات التي وقتها الله (تعالى) لثواب المؤمنين؛ ووعدهم الفوز فيها؛ قيل: نزلت في عمر - رضي الله عنه -؛ حين شتمه رجل من المشركين؛ من بني غفار؛ فهم أن يبطش به؛ ليجزي ؛ تعليل للأمر بالمغفرة؛ أي: إنما أمروا بأن يغفروا؛ ليوفيهم جزاء مغفرتهم يوم القيامة؛ وتنكير قوما ؛ على المدح لهم؛ كأنه قيل: "ليجزي أيما قوم؛ وقوما مخصوصين بصبرهم على أذى أعدائهم"؛ "لنجزي"؛ "شامي وحمزة وعلي"؛ [ ص: 301 ] "ليجزى قوما"؛ "يزيد"؛ أي: "ليجزى الخير قوما"؛ فأضمر الخير لدلالة الكلام عليه؛ كما أضمر "الشمس"؛ في قوله: حتى توارت بالحجاب ؛ لأن قوله: إذ عرض عليه بالعشي دليلا على تواري الشمس؛ وليس التقدير "ليجزى الجزاء قوما"؛ لأن المصدر لا يقوم مقام الفاعل؛ ومعك مفعول صحيح؛ أما إقامة المفعول الثاني مقام الفاعل فجائز؛ وأنت تقول: "جزاك الله خيرا"؛ بما كانوا يكسبون ؛ من الإحسان .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية