الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 230 ] وقوله: وجعلنا الليل والنهار آيتين ؛ أي: علامتين؛ يدلان على أن خالقهما واحد؛ ليس كمثله شيء؛ وتدلان على عدد السنين والحساب ؛ فمحونا آية الليل ؛ أي: جعلنا آية الليل دليلة عليه بظلمته؛ وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ؛ أي: جعلناها تضيء لكم لتبصروا كيف تصرفون في أعمالكم؛ ولتعلموا عدد السنين والحساب ؛ ويروى أن القمر كان في ضياء الشمس؛ فمحا الله ضياءه بالسواد الذي جعل فيه.

                                                                                                                                                                                                                                        وكل شيء فصلناه تفصيلا ؛ أي: بيناه تبيينا لا يلتبس معه بغيره؛ والاختيار النصب في "كل"؛ المعنى في النصب: "لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين؛ وفصلنا كل شيء تفصيلا"؛ و"كل"؛ منصوب بفعل مضمر؛ الذي ظهر يفسره؛ وهو "فصلناه"؛ ويجوز "وكل شيء فصلناه تفصيلا"؛ وكذلك النصب والرفع في قوله: وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ؛ إلا أني لا أعلم أحدا قرأ بالرفع.

                                                                                                                                                                                                                                        وجاء في التفسير: "طائره"؛ أي: "خيره؛ وشره"؛ وهو - والله أعلم - ما يتطير من مثله من شيء عمله؛ كما قال: ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ؛ وكما يقال للإنسان: "إثمي في عنقك"؛ وإنما يقال للشيء اللازم له: "هذا في عنق الإنسان"؛ أي: لزومه له كلزوم القلادة له من بين ما يلبس في العنق؛ ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا ؛ [ ص: 231 ] وفي هذه أربعة أوجه: "وتخرج له"؛ "ويخرج له"؛ أي: "ويخرج الله له"؛ "ويخرج له"؛ أي: "ويخرج عمله له يوم القيامة كتابا"؛ وكذلك "يخرج له عمله يوم القيامة"؛ كتابا يلقاه منشورا ؛ منصوب على الحال.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية