الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        [ ص: 292 ] 5402 - حدثنا فهد بن سليمان ، قال : ثنا يوسف بن بهلول ، قال : ثنا عبد الله بن إدريس ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري وغيره ، نحوه . غير أنه ذكر أن المناشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الشعر عمرو بن سالم .

                                                        فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدخل خزاعة في سهم ذوي القربى ، للحلف الذي بينه وبينهم ، استحال أن يكون إعطاء بني المطلب للحلف ، ولو كان إعطاؤهم للحلف أيضا لأعطى موالي بني هاشم ، وهو ، فلم يعطهم شيئا .

                                                        وأما ما ذهب أبو يوسف ومحمد بن الحسن ، رحمة الله عليهما ، مما قد ذكرناه عنهما ، فهو أحسن هذه الأقوال كلها عندنا ؛ لأنا رأينا الناس في دهرنا هذا ، ينسبون إلى العباس ، وكذلك آل علي ، وآل جعفر ، وآل عقيل ، وآل الزبير ، وطلحة ، كل هؤلاء لا ينسب أولادهم إلا إلى أبيهم الأعلى ، فيقال : بنو العباس ، وبنو علي ، وبنو من ذكرنا ، حتى قد صار ذلك يجمعهم ، وحتى قد صاروا بآبائهم متفرقين كأهل العشائر المختلفة .

                                                        فإن قال قائل : رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قسم سهم ذوي القربى ، إنما جعله فيمن يجمعه وإياه أب جاهلي ، فكان بنو ذلك الأب من ذوي قرابته ، وكذلك من أعطاه أبو طلحة ، ما أعطاه ممن ذكرنا ، فإنما يجمعهم وإياه أب جاهلي .

                                                        [ ص: 293 ] فلم قلتم : إن قرابة الرجل هي من جمعه وإياه أقصى آبائه في الإسلام ؟ قيل له : قد ذكرنا فيما تقدم منا ، في كتابنا هذا ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى قرابة ، ومنع قرابة ، وقد كان كل من أعطاه وكل من حرمه ، ممن لم يعطه ، ممن موضعه منه ، وموضع الذي أعطاه يجمعه وإياهم عشيرة واحدة ، ينسبون إليها حتى يقال لهم جميعا : ( هؤلاء القريشيون ) ، ولا ينسبون إلى ما بعد قريش ، فيقال : ( هؤلاء الكنانيون ) ، فصار أهل العشيرة جميعا بني أب واحد وقرابة واحدة ، وبانوا ممن سواهم ، فلم ينسبوا إليه ، فكذلك أيضا كل أب حدث في الإسلام صار فخذا أو صار عشيرة ينسب ولده إليه في الإسلام ، فكان هو وولده ينسبون جميعا إلى عشيرة واحدة قد تقدمت الإسلام ، فهم جميعا من أهل تلك العشيرة ، هذا أحسن الأقوال في هذا الباب عندنا ، والله نسأله التوفيق .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية