الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا : [قيل: معناه: تابوا من السيئة، وآمنوا] أن الله تعالى يقبل توبتهم، وقيل: معنى {وآمنوا}: استأنفوا عمل الإيمان.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما سكت عن موسى الغضب : شبه سكون الغضب بسكوت الناطق؛ من حيث كان فوره كالنطق، وسكونه كالسكوت.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو من المقلوب؛ والمعنى: ولما سكت موسى عن الغضب؛ فهو كقولك: (أدخلت القلنسوة في رأسي).

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون : معنى وفي نسختها : فيما نسخ منها بعد ذهاب ما ذهب، ودخلت اللام في قوله: {لربهم} ؛ لأن المفعول لما تقدم؛ ضعف عمل الفعل فيه، فصار بمنزلة غير المتعدي.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 106 ] الأخفش : المعنى: من أجل ربهم يرهبون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: الذين هم رهبتهم لربهم؛ فاللام متعلقة بمصدر.

                                                                                                                                                                                                                                      وحكى الكسائي : أنه سمع الفرزدق يقول: (نقدت لها مئة درهم). واختار موسى قومه أي: من قومه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أتهلكنا بما فعل السفهاء : لفظه لفظ الاستفهام، ومعناه: الدعاء والطلب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إنه عنى السبعين الذين سألوه أن يريهم الله جهرة؛ فالمعنى: أتهلك من بقي بعد السبعين بأن يكفروا ويضلوا إذا رجعت إليهم بغير السبعين.

                                                                                                                                                                                                                                      السدي : عبد السبعون العجل، فظن موسى أنهم لم يعبدوه، فقال: أتهلكنا بما فعل السفهاء ، فلما أعلمه الله أن السبعين عبدوا العجل؛ قال: إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: عنى بـ {السفهاء}: الذين عبدوا العجل سوى السبعين، ولم يعبده السبعون، قال ابن عباس : وإنما أخذتهم الرجفة؛ لأنهم لم ينهوا عن عبادة العجل، ولا رضوه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 107 ] واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة أي: طاعة.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي الآخرة أي: جزاء عليها.

                                                                                                                                                                                                                                      إنا هدنا إليك أي: تبنا.

                                                                                                                                                                                                                                      قال عذابي أصيب به من أشاء أي: من أشاء أن أضله.

                                                                                                                                                                                                                                      ورحمتي وسعت كل شيء أي: في الدنيا، عن الحسن ، وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : هي خاصة للمؤمنين.

                                                                                                                                                                                                                                      فسأكتبها للذين يتقون أي: يتقون الشرك، وقيل: المعاصي.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : كتبها الله لهذه الأمة.

                                                                                                                                                                                                                                      قال بعض المفسرين: طمع في هذه الآية كل شيء، حتى إبليس قال: أنا شيء، فقال الله تعالى: فسأكتبها للذين يتقون ، فقالت اليهود والنصارى: نحن متقون، فقال الله تعالى: الذين يتبعون الرسول النبي الأمي .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى ويؤتون الزكاة : يعلمون ما يزكون به أنفسهم من الأعمال، عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى النبي الأمي : الذي لا يكتب، منسوب إلى ما ولدته عليه أمه، أو إلى الأمة؛ لأنها في الأصل لا تكتب، أو إلى أم القرى؛ وهي مكة.

                                                                                                                                                                                                                                      الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يعني: صفته، وقد ذكرت في "الكبير" شيئا مما في التوراة والإنجيل من صفة نبينا عليه الصلاة والسلام الباقية، على أنهم قد غيروا منها ما هو أظهر وأبين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية