الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      836 حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا أبي وبقية عن شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن وأبو سلمة أن أبا هريرة كان يكبر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها يكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع ثم يقول سمع الله لمن حمده ثم يقول ربنا ولك الحمد قبل أن يسجد ثم يقول الله أكبر حين يهوي ساجدا ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يكبر حين يسجد ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في اثنتين فيفعل ذلك في كل ركعة حتى يفرغ من الصلاة ثم يقول حين ينصرف والذي نفسي بيده إني لأقربكم شبها بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا قال أبو داود هذا الكلام الأخير يجعله مالك والزبيدي وغيرهما عن الزهري عن علي بن حسين ووافق عبد الأعلى عن معمر شعيب بن أبي حمزة عن الزهري

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( يكبر حين يقوم ) فيه التكبير قائما وهو بالاتفاق في حق القادر ( ثم يكبر حين يركع ) قال النووي : فيه دليل على مقارنة التكبير للحركة وبسطه عليها فيبدأ بالتكبير حين يشرع في الانتقال إلى الركوع ويمده حتى يصل إلى حد الراكع انتهى . ودلالة هذا اللفظ على البسط الذي ذكره غير ظاهرة قاله الحافظ ( ثم يقول سمع الله لمن حمده ) أي حين يرفع رأسه من الركوع ( ثم يقول ربنا ولك الحمد ) أي وهو قائم ، وفي رواية البخاري ثم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة ثم يقول وهو قائم ربنا لك الحمد . قال الحافظ : فيه أن التسميع ذكر النهوض وأن التحميد ذكر الاعتدال ، وفيه دليل على أن الإمام يجمع بينهما خلافا لمالك لأن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - الموصوفة محمولة على حال الإمامة لكون ذلك هو الأكثر الأغلب من أحواله ( حين يهوي ) بفتح الأول وكسر الواو ، أي : يهبط وينزل إلى السجود ، فيه أن التكبير ذكر الهوي فيبتدئ به من حين يشرع في الهوي بعد الاعتدال إلى حين يتمكن ساجدا ( ثم يكبر حين يرفع رأسه ) أي من السجود ( ثم يكبر حين يسجد ) أي حين يريد السجدة الثانية ( ثم يكبر حين يرفع رأسه ) أي من السجدة الثانية ( ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في اثنتين ) فيه أن يشرع في التكبير من حين ابتداء القيام إلى الثالثة بعد التشهد الأول خلافا لمن قال إنه لا يكبر حتى يستوي قائما وفي رواية البخاري حين يقوم من الثنيتين بعد الجلوس أي في [ ص: 50 ] التشهد الأول ( ثم يقول ) أي أبو هريرة ( حين ينصرف ) أي من الصلاة ( إن كانت ) إن مخففة من المثقلة . والحديث يدل على مشروعية التكبير في المواضع المذكورة . قال المنذري : وأخرجه البخاري والنسائي وأخرجه البخاري ومسلم من حديث الزهري عن أبي سلمة وحده ومن حديث أبي بكر بن عبد الرحمن وحده ( هذا الكلام ) يعني إن كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا ( والزبيدي ) هو محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي بالضم أبو الهذيل القاضي الحمصي أحد الأعلام عن مكحول والزهري ونافع وخلق ، وعنه الأوزاعي وشعيب بن أبي حمزة ومحمد بن حرب وخلق وثقه ابن معين ( عن الزهري عن علي بن حسين ) أي مرسلا ورواية مالك في الموطأ هكذا أخبرني ابن شهاب الزهري عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب أنه قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر كلما خفض وكلما رفع فلم تزل تلك صلاته حتى لقي الله - عز وجل - " ، ( ووافق عبد الأعلى عن معمر شعيب بن أبي حمزة ) بالنصب مفعول لوافق وعبد الأعلى فاعله واعلم أن الحديث عند ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي سلمة بن عبد الرحمن كليهما ، لكن وقع الاختلاف بين أصحاب الزهري ، فقال عقيل عن ابن شهاب قال : أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن ولم يذكروا أبا سلمة ، وقال مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، ولم يذكر أبا بكر بن عبد الرحمن وهاتان الروايتان في صحيح البخاري .

                                                                      وقال شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن وأبو سلمة فذكر كليهما كما في رواية المؤلف لذكور آنفا ، وكذا قال عبد الأعلى عن معمر عن [ ص: 51 ] الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن وهذه الرواية في سنن النسائي فوافق عبد الأعلى عن معمر شعيبا عن الزهري في ذكر شيخيه ، وهذا المراد بقوله وافق عبد الأعلى والله تعالى أعلم .




                                                                      الخدمات العلمية