الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      847 حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني حدثنا الوليد ح و حدثنا محمود بن خالد حدثنا أبو مسهر ح و حدثنا ابن السرح حدثنا بشر بن بكر ح و حدثنا محمد بن مصعب حدثنا عبد الله بن يوسف كلهم عن سعيد بن عبد العزيز عن عطية بن قيس عن قزعة بن يحيى عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول حين يقول سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء قال مؤمل ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت زاد محمود ولا معطي لما منعت ثم اتفقوا ولا ينفع ذا الجد منك الجد وقال بشر ربنا لك الحمد لم يقل اللهم لم يقل محمود اللهم قال ربنا ولك الحمد

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عن قزعة ) بزاء وفتحات هو ابن يحيى البصري عن أبي سعيد وأبي هريرة وابن عمر وعنه مجاهد وعاصم الأحول وثقه العجلي ( حين يقول سمع الله لمن حمده ) قال العلماء معنى سمع هاهنا أجاب ، ومعناه أن من حمد الله تعالى متعرضا لثوابه استجاب الله تعالى وأعطاه ما تعرض له فإنا نقول ربنا لك الحمد لتحصيل ذلك ( قال مؤمل ) في روايته ( ملء السماوات ) بلفظ الجمع ( أهل الثناء والمجد ) بالنصب على النداء أي يا أهل الثناء هذا هو المشهور ، وجوز بعضهم رفعه على تقدير أنت أهل الثناء ، والمختار النصب ، والثناء الوصف الجميل والمدح والمجد العظمة ونهاية الشرف ( أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت إلخ ) تقديره أحق قول العبد لا مانع لما أعطيت [ ص: 63 ] إلخ ، واعترض بينهما " وكلنا لك عبد " ومثل هذا الاعتراض في القرآن قول الله تعالى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون واعترض قوله تعالى وله الحمد في السماوات والأرض ونظائره كثيرة وإنما يعترض ما يعترض من هذا الباب للاهتمام به وارتباطه بالكلام السابق وتقديره هاهنا أحق قول العبد لا مانع لما أعطيت وكلنا لك عبد فينبغي لنا أن نقوله . هذا خلاصة ما قال النووي . وقال القاري قوله أحق ما قال العبد بالرفع وما موصولة أو موصوفة و " ال " للجنس أو للعهد والمعهود النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أي أنت أحق بما قال العبد لك من المدح من غيرك . أو يكون التقدير المذكور من الحمد الكثير أحق ما قاله أحمد . والأظهر أن يكون قوله أحق مبتدأ وقوله اللهم لا مانع إلخ خبره . والجملة الحالية معترضة بين المبتدأ والخبر ، وبالنصب على المدح أو على المصدر أي قلت أحق ما قال العبد أي أصدقه وأثبته انتهى ( زاد محمود ) أي في روايته ( ثم اتفقوا ) أي مؤمل ومحمود وابن السرح ومحمد بن مصعب كلهم ( ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) المشهور فيه فتح الجيم هكذا ضبطه العلماء المتقدمون والمتأخرون وهو الصحيح ، ومعناه الحظ والغنى والعظمة والسلطان ، أي لا ينفع ذا الحظ في الدنيا بالمال والولد والعظمة والسلطان منك حظه أي لا ينجيه حظه منك وإنما ينفعه وينجيه العمل الصالح كقوله تعالى المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك والله تعالى أعلم ( قال بشر ربنا لك الحمد ) أي لم يقل لفظ اللهم وكذلك ( لم يقل محمود ) في روايته لفظ ( اللهم ) بل ( قال ربنا ولك الحمد ) بحذف لفظ اللهم وإثبات الواو بين " ربنا " و " لك الحمد " .

                                                                      فائدة : الواو في قوله : ربنا ولك ثابتة في أكثر الروايات وهي عاطفة على مقدر بعد قوله : ربنا وهو استجب كما قال ابن دقيق العيد أو حمدناك كما قال النووي ، أو الواو زائدة كما قال أبو عمرو بن العلاء أو للحال كما قال غيره . وروي عن أحمد بن حنبل أنه إذا قال ربنا قال ولك الحمد وإذا قال اللهم ربنا قال لك الحمد . قال ابن القيم : لم يأت في حديث صحيح الجمع بين لفظ اللهم وبين الواو ، وأقول قد ثبت الجمع بينهما في صحيح [ ص: 64 ] البخاري في باب صلاة القاعد من حديث أنس بلفظ وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد وقد تطابقت على هذا اللفظ النسخ الصحيحة من صحيح البخاري . وحديث أبي سعيد الخدري أخرجه مسلم والنسائي .




                                                                      الخدمات العلمية