الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا كان لرجل على رجل مال وللمطلوب على الطالب مثله فهو قصاص عندنا وقال ابن أبي ليلى لا يكون قصاصا حتى يتراضيا به اعتبارا للدين الذي لكل واحد منهما في ذمة صاحبه بالعين التي لكل واحد منهما في يد صاحبه ولو كان لرجل في يد غيره مائة درهم ولآخر في يده مثل ذلك لم يكن أحدهما قصاصا بالآخر وكان لكل واحد منهما أن يطالب صاحبه بملكه فهذا مثله بل أولى فإن مبادلة العين بالعين صحيح ومبادلة الدين بالدين باطل ; فلا يمكن أن يجعل كل واحد منهما مستوفيا حقه بطريق المبادلة لأنه مبادلة الدين بالدين ولا يمكن أن يجعل مستوفيا باعتبار أنه عين حقه لأن ما في ذمته حق غيره [ ص: 150 ] وحجتنا في ذلك أن مطالبة كل واحد منهما صاحبه بدراهمه اشتغال بما لا يفيد لأنه يستوفى من صاحبه ويرد عليه من ساعته ما كان له قبله ولا يجوز الاشتغال بما لا يفيد وهذا بخلاف العين لأن في الأعيان للناس أغراضا ولا يوجد مثل ذلك الغرض في الدين فإن الديون تقضى بأمثالها لا بأعيانها فلا فائدة لواحد منهما في مطالبة صاحبه هنا لأن التفاوت بين المعنيين متحقق في معنى من المعاني ولا يتحقق التفاوت بين الدينين إذا استويا من كل وجه وإنما يتحقق التفاوت إذا اختلفا في صفة الجودة والحلول ولا أحد يقول عند ذلك لا تقع المقاصة بينهما ومبادلة الدين بالدين إنما تجوز فيما لا يحتاج إلى قبض في المجلس وهنا يحتاج إلى القبض .

( ألا ترى ) أنهما لو تراضيا على المقاصة كان جائزا ومبادلة الدين بالدين حرام شرعا وإن وجد التراضي { لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الكالئ بالكالئ } .

التالي السابق


الخدمات العلمية