الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. فأما القاتل بسبب كحافر البئر وواضع الحجر في الطريق ومن أخرج ظلة أو جناحا فسقط على مورثه فقتله فإنه لا يحرم من الميراث عندنا ، وعلى قول الشافعي يحرم الميراث ; لأنه قاتل بغير حق ودليل كونه قاتلا وجوب الدية على عاقلته بمنزلة الخاطئ ولكنا نقول ليس هنا يوهم القصد إلى الاستعجال ; لأنه بما أحدث من السبب لم يقصد قتل مورثه ولا يدري أن مورثه يمر في ذلك الموضع ويقع في البئر أو يسقط عليه الجناح ، ثم حرمان الميراث جزاء مباشرة القتل المحظور ، وهذا المسبب ليس بقاتل .

( ألا ترى ) أنه لو فعل هذا في ملكه لم يكن مؤاخذا [ ص: 48 ] بشيء والقاتل مؤاخذ بفعله سواء كان في ملكه أو في غير ملكه كالرامي ، ولأن القتل لا يتم إلا بمقتول ، وقد انعدم المقتول عند الحفر فلا يصير هو بالحفر قاتلا ولا يجوز أن يصير قاتلا عند الوقوع ; لأن الحافر قد يكون ميتا عند وقوع الواقع في البئر فكيف يكون الميت قاتلا ، وإذا ثبت أنه ليس بقاتل لم يكن عليه جزاء القتل من حرمان الميراث والكفارة ووجوب الدية عليه لصيانة دم المقتول عن الهدر وذلك لا يدل على أنه قاتل كما في الدية تجب على العاقلة ولا تدل على أن العاقلة قاتلون

التالي السابق


الخدمات العلمية