الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ولاية حنظلة إفريقية وأبي الخطار الأندلس

في هذه السنة قدم أبو الخطار حسام بن ضرار الكلبي الأندلس أميرا في رجب ، وكان أبو الخطار لما تبايع ولاة الأندلس من قيس قد قال شعرا وعرض فيه بيوم مرج راهط ، وما كان من بلاء كلب فيه مع مروان بن الحكم ، وقيام القيسيين مع الضحاك بن قيس الفهري على مروان ، ومن الشعر :

أفادت بنو مروان قيسا دماءنا وفي الله إن لم يعدلوا حكم عدل

[ ص: 292 ]     كأنكم لم تشهدوا مرج راهط
ولم تعلموا من كان ثم له الفضل     وقيناكم حر القنا بنحورنا
وليس لكم خيل تعد ولا رجل

فلما بلغ شعره هشام بن عبد الملك سأل عنه ، فأعلم أنه رجل من كلب ، وكان هشام قد استعمل على إفريقية حنظلة بن صفوان الكلبي سنة أربع وعشرين ومائة ، فكتب إليه هشام أن يولي أبا الخطار الأندلس ، فولاه وسيره إليها ، فدخل قرطبة يوم جمعة فرأى ثعلبة بن سلامة أميرها قد أحضر الأسارى الألف من البربر ، الذين تقدم ذكر أسرهم ، ليقتلهم ، فلما دخل أبو الخطار دفع الأسرى إليه ، فكانت ولايته سببا لحياتهم ، وكان أهل الشام الذين بالأندلس قد أرادوا الخروج مع ثعلبة بن سلامة إلى الشام ، فلم يزل أبو الخطار يحسن إليهم ويستميلهم حتى أقاموا ، فأنزل كل قوم على شبه منازلهم بالشام ، فلما رأوا بلدا يشبه بلدانهم أقاموا . وقيل : إن أهل الشام إنما فرقهم في البلاد لأن قرطبة ضاقت عليهم ففرقهم ، وقد ذكرنا بعض أخباره سنة تسع وثلاثين ومائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية