الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر محاربة قحطبة أهل نهاوند ودخولها

ولما قتل ابن ضبارة كتب قحطبة بذلك إلى ابنه الحسن وهو يحاصر نهاوند ، فلما أتاه الكتاب كبر هو وجنده ونادوا بقتله ، فقال عاصم بن عمير السعدي : ما نادى هؤلاء بقتله إلا وهو حق ! فاخرجوا إلى الحسن بن قحطبة فإنكم لا تقومون له فتذهبون حيث شئتم قبل أن يأتيه أبوه أو مدد من عنده .

فقالت الرجالة : تخرجون وأنتم فرسان على خيول وتتركوننا ؟ وقال له مالك بن أدهم الباهلي : لا أبرح حتى يقدم علي قحطبة .

وأقام قحطبة على أصبهان عشرين يوما ، ثم سار فقدم على ابنه بنهاوند فحصرهم ثلاثة أشهر : شعبان ورمضان وشوال ، ووضع عليهم المجانيق ، وأرسل إلى من بنهاوند من أهل خراسان يدعوهم إليه وأعطاهم الأمان ، فأبوا ذلك .

ثم أرسل إلى أهل الشام بمثل ذلك ، فأجابوه وقبلوا أمانه ، وبعثوا إليه يسألونه أن يشغل عنهم أهل المدينة بالقتال ليفتحوا له الباب الذي يليهم ، ففعل ذلك قحطبة وقاتلهم ، ففتح أهل الشام الباب ، فخرجوا ، فلما رأى أهل خراسان ذلك سألوهم عن خروجهم ، فقالوا : أخذنا الأمان لنا ولكم . فخرج رؤساء أهل خراسان ، فدفع قحطبة [ ص: 393 ] كل رجل منهم إلى قائد من قواده ، ثم أمر فنودي : من كان بيده أسير ممن خرج إلينا فليضرب عنقه وليأتنا برأسه ! ففعلوا ذلك ، فلم يبق أحد ممن كان قد هرب من أبي مسلم إلا قتل إلا أهل الشام ، فإنه وفى لهم وخلى سبيلهم وأخذ عليهم أن لا يمالئوا عليه عدوا ، ولم يقتل منهم أحدا .

وكان ممن قتل من أهل خراسان : أبو كامل ، وحاتم بن الحارث بن سريج ، وابن نصر بن سيار ، وعاصم بن عمير ، وعلي بن عقيل ، وبيهس .

ولما حاصر قحطبة نهاوند أرسل ابنه الحسن إلى مرج القلعة ، فقدم الحسن خازم بن خزيمة إلى حلوان وعليها عبد الله بن العلاء الكندي ، فهرب من حلوان وخلاها .

التالي السابق


الخدمات العلمية