الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما مسألة الضمان فقال أبو الخطاب: وإذا ادعى الضامن قضاء الحق ولا بينة له، فأنكر المضمون له، حلف وطالب من شاء منهما، فإن طالب المضمون عنه فأخذ منه لم يكن للضامن الرجوع عليه، سواء صدق في قضاء الدين أو كذبه، لأنه أذن له في قضاء جرى ولم يوجد.

وقال المجد: هذه المسألة فيما إذا قضاه في غيبة المضمون عنه وإذنه له مطلق. وبهذا قالت الشافعية في أحد الوجهين، والثاني أنه يرجع عليه إذا صدق، اختاره أبو إسحاق. فعلى هذا إن كذبه حلف لا يعلم أنه قضى عنه.

ثم وجدت القاضي قد ذكر في "التعليق" مثل ما ذكرته، وأن قول الخرقي هو في الوديعة، وأن الخلاف في قبول قوله بحيث لو صدقه لم يضمن، فقال في مسألة: إذا قبض وديعة بينة ثم ادعى ردها قبل منه، نص عليه في رواية ابن منصور، وذكر له قول سفيان في رجل استودع رجلا ألف درهم، فجاءه فقال: ادفع إلي دراهمي، قال: قد دفعتها إليك، يصدق. فإن قال: أمرتني أن أدفعها [ ص: 365 ] إلى فلان فبينة، فقال أحمد: في كلا الأمرين يصدق. وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي. وقال مالك: لا يقبل منه إلا ببينة.

وقد روى أبو الخطاب عن أحمد مثل مذهب مالك، فقال: قلت لأبي عبد الله: إذا كانت وديعة تريد بينة؟ قال: نعم إذا كان قد أشهد عليه لا يقبل منه حتى يقيم بينة.

وهذه الرواية صريحة بمثل مذهب مالك، أما الأولى فإنها فيها عموم، والمقصود فيها عموم، فرق سفيان وتسوية أحمد بين الصورتين بين الدفع إليه والدفع إلى فلان. وقول أحمد "يصدق" قد يقال: إنه لا ينافي قول من يضمن لتفريطه لا لكذبه.

ثم قال القاضي: وجه الأول أن المودع أمين في أمثال هذا، ويحفظ الشيء لمصلحة صاحبه ومنفعته، لا لمنفعة نفسه وحظه، فيجب أن يكون القول قوله في الرد. وإن شئت قلت: أمانة مجردة، وكان القول قوله في ردها دليله إذا قبض بغير بينة.

قلت: الأول كلام مرسل لا أصل له يشهد له، والثاني قياس في صورة الفرق، من غير إلغاء الفارق.

قال: ولا يلزم على هذا: المرتهن إذا ادعى رد الرهن أنه لا يقبل قوله وإن كان أمانة، لأن ممسك للشيء ليستوفي الحق من نفسه لنفسه. فإذا ادعى الرد لم يقبل منه، نص عليه في رواية أبي طالب. وفي مسألتنا لو أقر بالوديعة وادعى الرد قبل منه.

============

التالي السابق


الخدمات العلمية