الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والمؤمن يعلم أن الله يأمر بكل مصلحة وينهى عن كل مفسدة، فإذا كان في بعض الأفعال رأى أنه مصلحة ولم يأمر به كان مخطئا من أحد الوجهين: إما أن يكون في نفس الأمر مصلحة لما ترجح فيه من مفسدة لا يعلمها هو; وإما أن يكون داخلا فيما أمر الله به ولم يعلم.

ولهذا تنازع العلماء في المصالح المرسلة التي لم يعلم أن الشارع اعتبرها ولا أهدرها، فقيل: يستدل بكونها مصلحة على أن الله اعتبرها، لأنه لا يهمل المصالح، وقيل: بل يستدل بعدم اعتبار الشارع لها على أنها ليست مصلحة، بل مضرتها راجحة، إذ لو كانت مصلحتها راجحة لاعتبرها الشارع. وتتفاوت فطن الناس في ذلك بحيث تعرفها بجهة الاعتبار والإهدار.

ومما يجب أن يعرف أن العبد قد يجب عليه أسباب أمور لا تجب عليه بدونها، فإن قام بها كان مصلحا محسنا إلى نفسه، وإلا كان ظالما لنفسه، وإن لم يكن تركها ظلما في حق من لم يقبل تلك الأسباب، مثل من ولي ولاية، ففي "المسند" عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 47 ] أنه قال: "أحب الخلق إلى الله إمام عادل، وأبغض الخلق إلى الله إمام جائر".

التالي السابق


الخدمات العلمية