الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر خلافة الرشيد بن المهدي .

وفي هذه السنة بويع للرشيد هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بالخلافة في الليلة التي مات فيها الهادي ، وكان عمره ، حين ولي ، اثنتين وعشرين سنة .

وأمه الخيزران أم ولد ، يمانية ، جرشية .

وكان مولده بالري في آخر ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائة ، وقيل : ولد مستهل محرم سنة تسع وأربعين . وكان مولد الفضل بن يحيى البرمكي قبله بسبعة أيام ، وأرضعت أم ابن يحيى الرشيد ، وأرضعت الخيزران الفضل بلبان الرشيد .

ولما مات الهادي كان يحيى بن خالد البرمكي محبوسا ، في قول بعضهم ، وكان الهادي عازما على قتله ، فجاء هرثمة بن أعين إلى الرشيد فأخرجه وأجلسه للخلافة ، فأرسل الرشيد إلى يحيى ، فأخرجه من الحبس ، واستوزره وأمر بإنشاء الكتب إلى الأطراف بجلوسه للخلافة وموت الهادي .

وقيل : لما مات الهادي جاء يحيى بن خالد إلى الرشيد ، وهو نائم في فراشه فقال له : قم يا أمير المؤمنين فقال : كم تروعني إعجابا منك بخلافتي ، فكيف يكون حالي مع الهادي إن بلغه هذا ؟ فأعلمه بموته ، وأعطاه خاتمه ، فبينما هو يكلمه إذ أتاه رسول آخر يبشره بمولود فسماه عبد الله ، وهو المأمون ، ولبس ثيابه وخرج ، فصلى على الهادي بعيساباذ ، وقتل أبا عصمة وسار إلى بغداذ .

وكان سبب قتل أبي عصمة أن الرشيد كان سائرا هو وجعفر بن الهادي ، فبلغا قنطرة من قناطر عيساباذ ، فقال له أبو عصمة : مكانك حتى يجوز ولي العهد فقال الرشيد : السمع والطاعة للأمير ووقف حتى جاز جعفر ، فكان هذا سبب قتله .

ولما وصل الرشيد إلى بغداذ ، وبلغ الجسر ، ودعا الغواصين ، وقال كان المهدي قد وهب لي خاتما مائة ألف دينار ، يسمى الجبل ، فأتاني رسول الهادي يطلب [ ص: 274 ] الخاتم وأنا هاهنا ، فألقيته في الماء ، فغاصوا عليه وأخرجوه ، فسر به .

ولما مات الهادي هجم خزيمة بن خازم تلك الليلة على جعفر بن الهادي فأخذه من فراشه ، وقال له : لتخلعنها أو لأضربن عنقك ، فأجاب إلى الخلع ، وركب من الغد خزيمة ، ، وأظهر جعفرا للناس فأشهدهم بالخلع ، وأحل الناس من بيعتهم ، فحظي بها خزيمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية