الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر خلع إبراهيم بن المهدي

وفي هذه السنة خلع أهل بغداذ إبراهيم بن المهدي ، وكان سبب ذلك ما ذكرنا من قبضه على عيسى بن محمد ، على ما تقدم ، فلما كاتب أصحابه ومنهم العباس - حميدا بالقدوم عليهم ، سار حتى أتى نهر صرصر فنزل عنده .

وخرج إليه العباس وقواد أهل بغداذ ، فلقوه ، وكانوا قد شرطوا عليه أن يعطي كل جندي خمسين درهما ، فأجابهم إلى ذلك ، ووعدهم أن يصنع لهم العطاء يوم السبت ( في الياسرية ) على أن يدعو للمأمون بالخلافة يوم الجمعة ، ويخلعوا إبراهيم ، فأجابوه إلى ذلك .

[ ص: 506 ] ولما بلغ إبراهيم الخبر أخرج عيسى ومن معه من إخوته من الحبس ، وسأله أن يرجع إلى منزله ، ويكفيه أمر هذا الجانب ، فأبى عليه .

فلما كان يوم الجمعة أحضر العباس بن محمد بن أبي رجاء الفقيه ، فصلى بالناس الجمعة ، ودعا للمأمون بالخلافة ، وجاء حميد إلى الياسرية ، فعرض جند بغداذ ، وأعطاهم الخمسين التي وعدهم ، فسألوه أن ينقصهم عشرة عشرة لما تشاءموا به من علي بن هشام حين أعطاهم الخمسين وقطع العطاء عنهم ، فقال حميد : بل أزيدكم عشرة ، وأعطيكم ستين درهما لكل رجل .

فلما بلغ ذلك إبراهيم دعا عيسى وسأله أن يقاتل حميدا ، فأجابه إلى ذلك ، فخلى سبيله ، وأخذ منه كفلاء ، وكلم عيسى الجند ، ووعدهم أن يعطيهم مثل ما أعطاهم حميد ، فأبوا ذلك ، فعبر إليهم عيسى وقواد الجانب الشرقي ، ووعد أولئك الجند أن يزيدهم على الستين ، فشتموه وأصحابه ، وقالوا : لا نريد إبراهيم . فقاتلهم ساعة ، ثم ألقى نفسه في وسطهم ، حتى أخذوه شبه الأسير ، فأخذه بعض قواده ، فأتى به منزله ، ورجع الباقون إلى إبراهيم ، فأخبروه الخبر ، فاغتم لذلك .

وكان المطلب بن عبد الله بن مالك قد اختفى من إبراهيم ، كما ذكرنا ، فلما قدم حميد أراد العبور إليه ، فعلموا به فأخذوه ، وأحضروه عند إبراهيم ، فحبسه ثلاثة أيام ، ثم خلى عنه لليلة خلت من ذي الحجة .

التالي السابق


الخدمات العلمية