الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      اختلف العلماء في حكم هذه الآية، والآية التي في (المائدة) [45]: فقال ابن عباس : سبب نزول الآية التي في (المائدة): أنهم كانوا لا [ ص: 385 ] يقتلون الرجل بالمرأة، فأنزل الله تعالى: أن النفس بالنفس [المائدة: 45]، فجعل الأحرار في القصاص سواء في النفس وفيما دون النفس.

                                                                                                                                                                                                                                      فالتي في (المائدة) - على قوله - كالمفسرة للتي في (البقرة).

                                                                                                                                                                                                                                      وعن ابن عباس أيضا في هذه الآية التي في (البقرة): أنها منسوخة بقوله: (أن النفس بالنفس).

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هي ناسخة لما كان عليه بنو إسرائيل؛ أعني: هذه الآية التي في (البقرة) ؛ وذلك أن فيها إباحة ما لم يكن مباحا لأهل التوراة من أخذ الدية؛ لأنه إنما أبيح لهم القصاص، إلا أن يتصدق بالدم مستحقه من غير دية.

                                                                                                                                                                                                                                      وأكثر العلماء على وجوب القصاص بين الرجل والمرأة، وقد روي عن علي رضي الله عنه فيه شيء لم يثبت.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن الحسن البصري باختلاف: أن أولياء المرأة إذا قتلها الرجل بالخيار؛ إن شاؤوا؛ قتلوا الرجل وأدوا نصف الدية، وإن شاؤوا؛ أخذوا نصف الدية.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا قتلت المرأة رجلا: فإن شاء أولياء الرجل؛ قتلوا المرأة وأخذوا نصف الدية، وإن شاؤوا؛ لم يقتلوا وأخذوا الدية كاملة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومالك، والشافعي، وغيرهما يرون القصاص بينهما في النفس وفيما دون النفس، وأبو حنيفة لا يراه فيما دون النفس.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 386 ] ولم يوجب مالك، والشافعي، وغيرهما بين العبد والحر قصاصا، وأوجب الثوري، وأبو حنيفة، وأصحابه بينهما القصاص.

                                                                                                                                                                                                                                      وذهب الحسن البصري إلى مثل مذهبه المتقدم في الرجل والمرأة باختلاف عنه؛ فقال: إذا قتل حر عبدا: فإن شاء مولى العبد، قتل الحر وأدى بقية الدية بعد قيمة العبد، وإن شاء؛ أخذ [قيمة العبد ولم يقتل، وإذا قتل عبد حرا: فإن شاء الولي أن يقتل العبد ويأخذ بقية الدية بعد قيمة العبد، وإن شاء؛ أخذ]، الدية كاملة ولم يقتل.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يقتل الرجل بعبده عند مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، ولكن يعاقب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال النخعي : يقتل بعبده.

                                                                                                                                                                                                                                      ويقتل الرجل بابنه عند مالك، ولا يقتل به عند الشافعي، وأبي حنيفة، وغيرهما، وعليه عندهم ديته.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا قصاص بين المسلم والكافر في قول مالك، والشافعي، وابن حنبل، وغيرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو حنيفة وأصحابه: يقتل المسلم باليهودي، والنصراني، والمجوسي.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية