الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: واستشهدوا شهيدين من رجالكم يعني: الأحرار خاصة في قول أكثر العلماء.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 604 ] ولا تجوز شهادة العبد عند مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وغيرهم، وأجازها شريح، وابن حنبل، وإسحاق، وغيرهم، وأجازها الشعبي والنخعي في الشيء اليسير.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز مالك شهادة الصبيان فيما بينهم في الجراح خاصة، ما لم يفترقوا أو يختلفوا، ولا تجوز أقل من شهادة اثنين منهم، لصغير على كبير، ولا لكبير على صغير، ولم يجز الشافعي، وأبو حنيفة، وأصحابه شهادتهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز عند مالك شهادة ولد الزنا، إلا في الزنا، وأجازها الشافعي، وأبو حنيفة في الزنا وغيره، ولم يجزها نافع مولى ابن عمر في شيء.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز مالك، والشافعي، وغيرهما شهادة القاذف إذا تاب، ولم يجزها أبو حنيفة وأصحابه.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز عند أكثر العلماء شهادة من أتى حدا من الحدود; كشرب الخمر، ونحوها، إذا تاب وحسنت توبته.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 605 ] قال سحنون: إلا في ما حد فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      الشافعي : إن سكر من الخمر أو غيرها; فشهادته مردودة; لأن السكر يريد: من غير خمر- حرام في قول من يرى ذلك: كتحريم قليل الخمر وكثيرها بالإجماع.

                                                                                                                                                                                                                                      ولم يجز مالك شهادة القدرية، وأجاز أبو حنيفة والشافعي شهادة أهل الأهواء.

                                                                                                                                                                                                                                      وتجوز شهادة لاعب الشطرنج في قول مالك، والشافعي، وغيرهما، قال الشافعي رحمه الله: إلا أن يشغله عن الصلاة.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تقبل شهادة شاهد الزور عند مالك أبدا، وتقبل شهادته عند الشافعي، وأبي حنيفة إذا تاب.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تقبل عند مالك وأبي حنيفة والشافعي شهادة الولد للوالدين، ولا الوالدين للولد، وتقبل عند أبي ثور، وابن راهويه، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 606 ] ولا تقبل في قول مالك شهادة أحد الزوجين لصاحبه، وتقبل في قول الشافعي، وأبي ثور، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز مالك وغيره شهادة الأعمى، ولم يجزها الشافعي، وأبو حنيفة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان قال ابن بكير: هذه مخاطبة للحكام; أي إن لم يأت الطالب برجلين; فليأت برجل وامرأتين، وشهادة المرأتين مع الرجل جائزة مع وجود الرجلين، وليس ذلك بمخصوص للعدم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المخاطبة لصاحب الدين.

                                                                                                                                                                                                                                      وشهادة النساء في الحدود غير جائزة في قول عامة الفقهاء، وكذلك في النكاح والطلاق في قول أكثر العلماء، وهو مذهب مالك، والشافعي، وغيرهما، وإنما يشهدن في الأموال، وكل ما لا يشهدن فيه فلا يشهدن على شهادة [ ص: 607 ] غيرهن فيه، كان معهن رجل أو لم يكن، ولا ينقلن شهادة إلا مع رجل، نقلن عن رجل أو امرأة.

                                                                                                                                                                                                                                      ويقضى باثنتين منهن في كل ما لا يحضره غيرهن; كالولادة، والاستهلال، ونحو ذلك، هذا كله مذهب مالك وغيره، وفي بعضه اختلاف.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى : تصير شهادتهما كشهادة الذكر، قاله ابن عيينة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال غيره: معناه: أن تنسى إحداهما، فتذكرها الأخرى.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله أي: لا تملوا أن تكتبوا الحق، قليلا كان أو كثيرا.

                                                                                                                                                                                                                                      ذلكم أقسط عند الله أي: أعدل.

                                                                                                                                                                                                                                      وأقوم للشهادة أي: أثبت.

                                                                                                                                                                                                                                      وأدنى ألا ترتابوا أي: وأقرب إلى ألا تشكوا.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم رخص في ترك الكتاب في التجارة الحاضرة، فقال: إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأشهدوا إذا تبايعتم : ندب عند أكثر العلماء، وروي عن ابن عمر : أنه واجب.

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك : ما كان من بيع حاضر; فإن شاء أشهد، وإن شاء لم يشهد، وما كان إلى أجل; فليشهد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إنه منسوخ بقوله: فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية