الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقد فسر طائفة من السلف قوله: وسبح بحمد ربك حين تقوم بالتسبيح بالكلام ، وذكروا أنواعا: التسبيح عند افتتاح الصلاة، والتسبيح عند القيام من المجلس، فروى ابن أبي حاتم عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص: وسبح بحمد ربك حين تقوم قال: إذا أراد أن يقوم الرجل من مجلسه قال: سبحانك اللهم وبحمدك. هكذا رواه وكيع، ورواه أبو نعيم وقبيصة فقالا: يقول سبحان الله وبحمده.

وعن ابن أبي نجيح عن مجاهد: "حين تقوم" قال: من كل مجلس.

وعن طلحة عن عطاء: حين تقوم من كل مجلس، إن كنت أحسنت ازددت خيرا، وإن كان غير ذلك كان هذا كفارة له.

وقال طائفة: حين تقوم إلى الصلاة، وكذلك قال الضحاك: حين تقوم إلى الصلاة المفروضة، وكذلك قال ابن زيد: إذا قام إلى الصلاة من [ ص: 294 ] ليل أو نهار، وفي رواية جويبر عن الضحاك قال: هو قول الرجل إذا استفتح الصلاة "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك". وقال أبو الجوزاء: حين تقوم من منامك من فراشك. وعلى هذا فهو أمر بالصلاة إذا قام من فراشه من قائلة النهار، فهو أمر بصلاة الظهر والعصر.

وإدبار النجوم فسرها طائفة بركعتي الفجر ، وروى ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: "وإدبار النجوم" قال ابن عباس: هو التسبيح أدبار الصلاة.

قلت: لعل هذا تفسير لقوله وأدبار السجود ، فإنه أنسب.

وقد روي عن طائفة من السلف أن "أدبار السجود" الركعتان بعد المغرب، و"إدبار النجوم" ركعتا الفجر، فإحداهما تشتبه بالأخرى. فقوله ومن الليل فسبحه وأدبار السجود ، إذا فسر هذا بالتسبيح دبر الصلاة كان اللفظ دالا على هذا. والسلف الذين فسروها بهذا كأنهم -والله أعلم- أرادوا أن أول ما يكتب في صحيفة النهار ركعتا الفجر، وآخر ما يرفع ركعتا المغرب، فقد روي أنهما ترفعان مع عمل النهار.

قلت: ولفظ التسبيح يتناول هذا كله، منه واجب ومنه مستحب.

(آخره، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا) .

التالي السابق


الخدمات العلمية