الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( وإن خلطها المودع بماله حتى لا تتميز ضمنها ثم لا سبيل للمودع عليها عند أبي حنيفة رحمه الله . وقالا : إذا خلطها بجنسها شركه إن شاء ) مثل أن يخلط الدراهم البيض بالبيض والسود بالسود والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير . لهما أنه لا يمكنه الوصول إلى عين حقه صورة وأمكنه معنى بالقسمة فكان استهلاكا من وجه دون وجه فيميل إلى أيهما شاء . وله أنه استهلاك من كل وجه ; لأنه فعل يتعذر معه الوصول إلى عين حقه ، ولا معتبر بالقسمة ; لأنها من موجبات الشركة فلا تصلح موجبة لها ; ولو أبرأ الخالط لا سبيل له على المخلوط عند أبي حنيفة رحمه الله ; لأنه لا حق له إلا في الدين وقد سقط . وعندهما بالإبراء تسقط خيرة الضمان فيتعين الشركة في المخلوط وخلط الخل بالزيت وكل مائع بغير جنسه يوجب انقطاع حق المالك إلى الضمان وهذا بالإجماع ; لأنه استهلاك صورة وكذا معنى لتعذر القسمة باعتبار اختلاف الجنس ، ومن هذا القبيل خلط الحنطة بالشعير في الصحيح ; لأن أحدهما لا يخلو عن حبات الآخر فتعذر التمييز والقسمة . ولو خلط المائع بجنسه ; فعند أبي حنيفة رحمه الله ينقطع حق المالك إلى ضمان لما ذكرنا ; وعند أبي يوسف رحمه الله يجعل الأقل تابعا للأكثر اعتبارا للغالب أجزاء . وعند محمد رحمه الله شركه بكل حال ; لأن الجنس لا يغلب الجنس عنده على ما مر في الرضاع ، ونظيره خلط الدراهم بمثلها إذابة ; لأنه يصير مائعا بالإذابة . [ ص: 240 ]

                                                                                                        قال : ( وإن اختلطت بماله من غير فعله فهو شريك لصاحبها ) كما إذا انشق الكيسان فاختلطا ; لأنه لا يضمنها لعدم الصنع منه فيشتركان وهذا بالاتفاق .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية