الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( فإن أنفق المودع بعضها ثم رد مثله فخلطه بالباقي ضمن الجميع ) ; لأنه خلط مال غيره بماله فيكون استهلاكا على الوجه الذي تقدم قال : ( وإذا تعدى المودع في الوديعة بأن كانت دابة فركبها أوثوبا فلبسه أو عبدا فاستخدمه أو أودعها عند غيره ثم أزال التعدي فردها إلى يده زال الضمان )

                                                                                                        وقال الشافعي رحمه الله : لا يبرأ عن الضمان ; لأن عقد الوديعة ارتفع حين صار ضامنا للمنافاة فلا يبرأ إلا بالرد على المالك . ولنا أن الأمر باق لإطلاقه ، وارتفاع حكم العقد ضرورة ثبوت نقيضه ، فإذا ارتفع عاد حكم العقد كما إذا استأجره للحفظ شهرا فترك الحفظ في بعضه ثم حفظ في الباقي فحصل الرد إلى نائب المالك .

                                                                                                        قال : ( فإن طلبها صاحبها فجحدها ضمنها ) ; لأنه لما طالبه بالرد فقد عزله عن الحفظ فبعد ذلك هو بالإمساك غاصب مانع منه فيضمنها ، فإن عاد إلى الاعتراف لم يبرأ عن الضمان لارتفاع العقد إذ المطالبة بالرد رفع من جهته والجحود فسخ من جهة المودع كجحود الوكيل الوكالة وجحود أحد المتعاقدين البيع فتم الرفع ; أو لأن المودع ينفرد بعزل نفسه بمحضر من المستودع كالوكيل يملك عزل نفسه بحضرة الموكل ; وإذا ارتفع لا يعود إلا بالتجديد فلم يوجد [ ص: 241 ] الرد إلى نائب المالك بخلاف الخلاف ثم العود إلى الوفاق ; ولو جحدها عند غير صاحبها لا يضمنها عند أبي يوسف رحمه الله خلافا لزفر رحمه الله ; لأن الجحود عند غيره من باب الحفظ ; لأن فيه قطع طمع الطامعين ; ولأنه لا يملك عزل نفسه بغير محضر منه أو طلبه فبقي الأمر ، بخلاف ما إذا كان بحضرته .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية