الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله { وأخذ ماء جديد للأذنين } إن قلنا : هما من الرأس وهو المذهب فالصحيح : استحباب أخذ ماء جديد لهما ، اختاره الخرقي ، وابن أبي موسى ، والقاضي في الجامع الصغير ، والشيرازي ، وابن البنا . واختاره أيضا المصنف ، والشارح ، وابن عبدوس في تذكرته . قال في الخلاصة : يستحب على الأصح ، وجزم به في التذكرة لابن عقيل ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمذهب الأحمد ، والكافي ، والتلخيص ، والبلغة في موضع ، والوجيز ، والمنتخب ، والإفادات ، وابن منجا في شرحه . وعنه لا يستحب . بل يمسحان بماء الرأس ، اختاره القاضي في تعليقه ، وأبو الخطاب في خلافه الصغير ، والمجد في شرح الهداية ، والشيخ تقي الدين ، وصاحب الفائق ، وابن عبيدان . وأطلقهما في الهداية ، والمستوعب ، والتخليص ، والبلغة في السنن ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاويين ، والفروع ، ومجمع البحرين . قال ابن رجب في الطبقات : ذكر الشيخ تقي الدين في شرح العمدة : أن أبا الفتح بن جلية قاضي حران كان يختار مسح الأذنين بماء جديد ، بعد مسحهما بماء الرأس . قال ابن رجب : وهو غريب جدا . والذي رأيناه في شرح العمدة ، أنه قال : ذكر القاضي عبد الوهاب وابن حامد : [ ص: 136 ] أنهما يمسحان بماء جديد ، بعد أن يمسحا بماء الرأس . قال : وليس بشيء . فزاد : ابن حامد ، والظاهر : أن القاضي عبد الوهاب هو ابن جلبة قاضي حران .

فائدة : يستحب مسحهما بعد مسح الرأس ، على الصحيح من المذهب . وقاله القاضي وغيره ، وقدمه في الفروع ، وقال : ويتوجه تخريج واحتمال . وذكر الأزجي يمسحهما معا . ولم يصرح الأصحاب بخلاف ذلك . قلت : صرح الزركشي باستحباب مسح الأذن اليمنى قبل اليسرى .

تنبيهات

الأول : هذه الأحكام إذا قلنا : هما من الرأس . فأما إذا قلنا : هما عضوان مستقلان وهو رواية عن أحمد ، ذكرها ابن عقيل فيجب لهما ماء جديد في وجه . قاله في الفروع ، وهو من المفردات . قال في الفروع : ويتوجه منه : يجب الترتيب . الثاني : تقدم أن الأذنين من الرأس على الصحيح من المذهب . وتقدم رواية : أنهما عضوان مستقلان . وذكر ابن عبيدان في باب الوضوء : أن ابن عبد البر قال : روي عن أحمد أنه قال : ما أقبل منهما من الوجه يغسل معه . وما أدبر من الرأس كمذهب الشعبي ، والحسن بن صالح . ومال إليه إسحاق بن راهويه . الثالث : قوله " والغسلة الثانية والثالثة بلا نزاع " قال القاضي في الخلاف حتى لطهارة المستحاضة .

التالي السابق


الخدمات العلمية