الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالثة : لو وقع في الماء المستعمل في رفع الحدث [ وقلنا : إنه طاهر ] أو طاهر غيره من الماء نجاسة ، لم يتنجس إذا كان كثيرا على الصحيح من المذهب قدمه في المغني ، وشرح ابن رزين ، وابن عبيدان [ وصححه ابن منجا في نهايته وغيره ] ويحتمل أن ينجس ، وقدمه في الرعاية الكبرى . وقال عن الأول : فيه نظر ، وهو كما قال : وأطلقهما في الشرح الكبير ، وابن تميم قوله ( وهما خمسمائة رطل بالعراقي ) ، وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به الخرقي ، والهداية ، [ ص: 68 ] والإيضاح ، والمذهب ، والتلخيص ، والبلغة ، والخلاصة ، والوجيز ، والمنور ، والمنتخب ، والمذهب الأحمد ، وإدراك الغاية ، وغيرهم ، وقدمه في الفروع ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاويين ، والنظم ، ومجمع البحرين وقال : إنه أولى وابن رزين وقال : إنه أصح والمستوعب وقال : إنه أظهر واختاره ابن عبدوس في تذكرته . قال الزركشي : هذا المشهور والمختار للأصحاب . وعنه أربعمائة : قدمه ابن تميم ، وصاحب الفائق . وأطلقهما في الكافي . وقال في الرعاية الكبرى : وحكى عنه ما يدل على أن القلتين ستمائة رطل . انتهى .

قلت : ويؤخذ من رواية نقلها ابن تميم ، وابن حمدان ، وغيرهما : أن القلتين أربعمائة رطل وستة وستون رطلا وثلثا رطل . فإنهم قالوا : القلة تسع قربتين ، وعنه ونصف . وعنه وثلث . والقربة تسع مائة رطل عند القائلين بها . فعلى الرواية الثالثة : يكون القلتان ما قلنا . ولم أجد من صرح به ، وإنما يذكرون الروايات فيما تسع القلة ، وما قلناه لازم ذلك .

فائدتان

إحداهما : مساحة القلتين إذا قلنا إنهما خمسمائة رطل ذراع وربع طولا وعرضا وعمقا . قاله في الرعاية وغيره .

الثانية : الصحيح من المذهب : أن الرطل العراقي : مائة درهم وثمان وعشرون درهما وأربع أسباع درهم . فهو سبع الرطل الدمشقي ، ونصف سبعه . وعلى هذا جمهور الأصحاب . وقيل : هو مائة وثمانية وعشرون وثلاثة أسباع درهم : نقله الزركشي عن صاحب التلخيص فيه . ولم أجد في النسخة التي عندي إلا كالمذهب المتقدم . وقيل : هو مائة وثمانية وعشرون درهما وهو في المغني القديم . وقيل : مائة وثلاثون درهما . وقال في الرعاية في صفة الغسل : والرطل العراقي الآن : مائة وثلاثون درهما ، وهو أحد وتسعون مثقالا . وكان قبل ذلك [ ص: 69 ] تسعون مثقالا ، زنتها مائة وثمانية وعشرون وأربعة أسباع . فزيد فيها مثقال ليزول الكسر . وقال غيره : ذلك فعلى المذهب : تكون القلتان بالدمشقي مائة رطل وسبعة أرطال وسبع رطل . قوله ( وهل ذلك تقريب ، أو تحديد ؟ على وجهين ) . وأطلقهما في المذهب ، والتلخيص ، والبلغة ، والنظم ، وابن منجا في شرحه ، والحاويين . أحدهما : أنه تقريب . وهو المذهب ، جزم به في العمدة ، والوجيز ، والمنور ، والتسهيل ، وغيرهم ، وقدمه في الفروع ، وابن تميم ، والرعاية الصغرى ، وغيرهم ، وصححه في المغني ، والشرح ، ومجمع البحرين ، والفائق ، وابن عبيدان ، وشرح ابن رزين ، وغيرهم . قال في الكافي : أظهرهما أنه تقريب . واختاره ابن عبدوس في تذكرته وغيره . والوجه الثاني : أنه تحديد ، اختاره أبو الحسن الآمدي . قال ابن عبيدان : وهو اختيار القاضي . قال الشارح : وهو ظاهر قول القاضي . وقدم في الرعاية الكبرى إذ قلنا هما خمسمائة : يكون تقريبا . وأطلق الوجهين إذا قلنا : هما أربعمائة . واختار : أن الأربعمائة تحديد ، والخمسمائة تقريب . وقدم في المحرر : أن الخمسمائة تقريب .

تنبيهان

أحدهما : في محل الخلاف في التقريب والتحديد للأصحاب طرق . أصحهما : أنه جار ، سواء قلنا : هما خمسمائة أو أربعمائة ، كما هو ظاهر كلام المصنف هنا ، والكافي ، وابن تميم ، والفروع ، والفائق ، والحاويين ، والشرح ، والنظم وغيرهم . [ ص: 70 ]

الطريقة الثانية : أن محل الخلاف : إذا قلنا هما خمسمائة ، وهي طريقته في المحرر ، والرعاية الصغرى . وهو ظاهر كلامه في المغني . فإنه قال : اختلف أصحابنا : هل هما خمسمائة رطل تقريبا ، أو تحديدا ؟ قال ابن منجا في شرحه : وهو الأشبه .

الطريقة الثالثة : في الخمسمائة روايتان . وفي الأربعمائة وجهان . وهي المقدمة في الرعاية الكبرى ، ثم قال : وقيل : الوجهان إذا قلنا هما خمسمائة ، وهو أظهر . انتهى .

الثاني : حكى المصنف الخلاف هنا وجهين ، وكذا في المذهب ، والكافي ، والمغني ، والشرح ، وابن تميم ، وابن منجا ، وابن رزين في شرحيهما . وحكي الخلاف روايتين في التلخيص ، والبلغة ، والمجد ، والفروع ، والرعاية الصغرى ، والفائق ، والحاويين ، وابن عبدوس في تذكرته . وقال في الرعاية الكبرى : الروايتان في الخمسمائة ، والوجهان في الأربعمائة . وقدم في مجمع البحرين ، وابن عبيدان : أن الخلاف وجهان . وفائدة الخلاف في أصل المسألة : أن من اعتبر التحديد لم يعف عن النقص اليسير ، والقائلون بالتقريب يعفون عن ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية