الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن كانت أرض بين قوم لهم نخل في غير أرضهم فاقتسموا على أن يأخذ اثنان منهم الأرض وأخذ الثالث النخيل بأصولها فهذا جائز ; لأن النخلة بمنزلة الحائط منها ولو شرط لأحدهم في القسمة حائطا ينصبه جاز ، فكذلك النخلة ، وإن شرطوا أن لفلان هذه القطعة وهذه النخلة وهو في غير تلك القطعة وللآخر قطعة وللثالث القطعة التي فيها تلك النخلة فأراد أن يقطع النخلة فليس له ذلك والنخلة لصاحبها بأصلها ; لما بينا أن النخلة كالحائط وتسمية الحائط في القسمة يستحقه بأصله ، فكذلك تسمية النخلة وهذا ; لأنها نخلة ما لم تقطع فأما بعد القطع هو جذع فمن ضرورة [ ص: 30 ] استحقاق النخلة استحقاق أصلها .

وكذلك على هذا لو أقر لإنسان بنخلة استحقها بأصلها وذكر في النوادر في البيع اختلافا بين أبي يوسف ومحمد رحمهما الله قال عند أبي يوسف رحمه الله يستحقها بأصلها وعند محمد رحمه الله لا يستحق بأصلها إلا بالذكر فقيل الجواب في الإقرار كالجواب في البيع على الخلاف فأبو يوسف رحمه الله يسوي بين القسمة والبيع ومحمد رحمه الله يفرق بينهما فنقول في القسمة بعض نصيب أحدهما باعتبار أصله ملكه وأصل ملكه فيها نخلة وإنما تكون نخلة قبل القطع فمن ضرورة استحقاقه البعض بأصله استحقاق جميع النخلة بأصلها ، وكذلك في الإقرار فهو إخبار بملك النخلة له وإنما تكون نخلة بأصلها فأما البيع إيجاب ملك مبتدأ فلا يستحق به إلا المسمى فيه والنخلة اسم ; لما ارتفع من الأرض لا الأرض فلا يجوز أن يثبت له الملك ابتداء في شيء من الأرض بتسمية النخلة في البيع ; فلهذا يشترط فيه ذكر الأصل فإن قطعها فله أن يغرس مكانها ما بدا له ; لأنه قد استحق له ذلك من الأرض فكما كان له أن يبقي الأولى فيها قبل القطع ، فكذلك له أن يغرس مكانها أخرى فإن أراد أن يمر إليها فمنعه صاحب الأرض فالقسمة فاسدة ; لأنها وقعت على الضرر فلا طريق له إلى نخلته وقد بينا أن القسمة متى وقعت على ضرر فهي فاسدة وأن الطريق الخاص لا يدخل إلا بذكر الحقوق والمرافق فإن كانوا ذكروا في القسمة بكل حق هو لها فالقسمة جائزة وله الطريق إلى نخلته ; لأنه نص على شرط الحقوق والمرافق ولا يقصد بهذا اللفظ إلا شرط الطريق فكأنه شرط الطريق إلى نخلته أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية