الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا كان كر حنطة بين رجلين نصفين عشرة أقفزة منها طعام جيد على حدة وثلاثون قفيزا رديء على حدة فأراد أحدهما أن يأخذ العشرة بحقه ويأخذ شريكه الثلثين بحقه لم يصح ذلك ; لأن في هذه القسمة معنى البيع ومبادلة الحنطة بجنسها متفاضلا ربا فإن رد الذي أخذ الثلاثين قفيزا ثوبا بعينه على صاحبه واقتسما على ذلك جاز بناء على أصلنا أن الفصل يجعل بمقابلة الثوب احتيالا لتصحيح العقد ، وإن استحق من الثلاثين عشرة مخاتيم ; فإنه يرجع عليه بنصف الثوب وفي زيادات الزيادات ( قال ) في هذه المسألة يرجع بثلث الثوب وسدس الطعام الجيد وقيل ما ذكر ثمة جواب القياس وما ذكر في كتاب القسمة جواب الاستحسان وجه القياس أنه لو استحق جميع الطعام الرديء يرجع على صاحبه بجميع الثوب ونصف الطعام الجيد والعشرة ثلث الثلاثين فعند استحقاق العشرة يرجع بثلث ذلك اعتبارا للبعض بالكل وبيان المعنى فيه أن عشرة من الثلاثين أخذها باعتبار ملكه وعشرة بالمقاسمة بمقابلة العشرة التي أخذها صاحبه وعشرة عوضا عن الثوب والعشرة المستحقة شائعة في الكل ثلثها فيما أخذ بقديم ملكه فلا يرجع فيه على أحد بشيء والثلث مما أخذه عوضا عن الثوب فيرجع بعوضه وهو ثلث الثوب والثلث مما أخذه بالمقاسمة فيرجع بما يقابله من الطعام الجيد بقدر حصته ، وذلك قفيز وثلثا قفيز ; لأن العشرة كلها لو استحقت رجع عليه بخمسة أقفزة فإذا استحق الثلث رجع عليه بثلث الخمسة وثلثها قفيز وثلث قفيز سدس الطعام الجيد

[ ص: 47 ] ووجه الاستحسان أن المستحق إنما يجعل شائعا في الكل إذا استوت الجهالة فأما إذا تفاوتت فلا كما إذا باع ثوبا وقلبا وزنه عشرة دراهم بعشرين درهما وتقابضا ، ثم استحقت عشرة من العشرين فإن المستحق يجعل من ثمن الثوب خاصة ; لأنه لو جعل بعضه من ثمن القلب بطل العقد في القلب بقدره ولو جعل من ثمن الثوب لم يبطل العقد في شيء من القلب فيجعل ذلك من ثمن الثوب لإبقاء العقد صحيحا حين لم تثبت المساواة فهناك كذلك ; لأن المقصود بالقسمة التمييز ، والمعاوضة فيها بيع ولا مساواة بين المقصود والبيع فلا يجعل شيء من المستحق مما أخذه بالمقاسمة لإبقاء معنى التمييز بحسب الإمكان ولو جعل شيء من المستحق بمقابلة العشرة التي أخذها بالقسمة تنتقض القسمة فيحتاج إلى إعادتها ثانية فلا يجعل شيء بمقابلة كي لا ينتقض وإذا جعلنا المستحق ما وراء العشرة المقسومة يكون النصف من العشرة المشتراة والنصف العشرة الموزونة لم - يرجع به على أحد وما أخذ من العشرة المأخوذة على وجه الشراء رجع بحصته من الثمن وثمنه نصف الثوب ; فلهذا يرجع عليه بنصف الثوب ولكن يجعل المستحق نصف العشرين الذي أخذه بمقابلة الثوب وعشرة من تلك العشرين أخذها بقديم ملكه وعشرة عوضا عن الثوب فنصف المستحق مما كان بمقابلة الثوب ; فلهذا يرجع بنصف الثوب خاصة .

التالي السابق


الخدمات العلمية